حكايات في صور

عرض الكل

شهد حفل رابطة خريجي جامعة الشارقة ودشن موقع بوابة الخدمات الإلكترونية

سلطان: البحث العلمي لابد أن تكون غايته منفعة المجتمع والبشرية

أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رئيس جامعة الشارقة، على أن أسلوب البحث العلمي لابد أن تكون غايته منفعة المجتمع، ومنفعةِ البشرية، وأسلوب لابد فيه من التواصل مع الجامعات العريقة في البحث العلمي ليأخذوا بأيدينا إلى الطريق الصحيح، وهذا أمر لا عيب فيه، فأوروبا لما أرادات أن تتقدم وتخرج من الظلام مدّت يدها إلى العرب والمسلمين، فتَرجمتْ، وعند قراءة ذلك التاريخ عن تلك الفترة يفخرُ الإنسان أن له جذور، وأنّ له انتماءٌ لهذا الإسلام الذي هيّأنا لأن نكون أداة للتنوير في ظلام أوروبا.

جاء ذلك في كلمة ألقاها صاحب السمو حاكم الشارقة، ليلة يوم أمس الأربعاء، في حفل رابطة خريجي جامعة الشارقة والذي أقيم في قاعة الجواهر للمؤتمرات والمناسبات.

وقال سموه: «الجامعات، عالم مضطربٌ منشغلٌ في التطور والبحث. تلك الجامعات لحسن الحظ قد خُضّتُ بحورها، أو ليست جميعها، ولكن ربما تكون الجامعات المهمة حول العالم. خضتها متعلماً وبإداراتها، مشاركاً في بعض قراراتها. وجامعة الشارقة وليدة تلك الأفكار، فلابد من أن تكون لها المكانة الواسعة من القلب. هذه الجامعة عاصرتموها أنتم من خلال المختبراتِ ومُدرجات المحاضرات ولقاءات المدرسين، ولكن كل ذلك في نظركم، وأنتم بعيدون عما يجري من حولكم لتغطية تلك المخرجات.

جامعة الشارقة واحدة من الجامعات التي تحاول أن تصل إلى مقدمة التقدير للجامعات. وهذا التقدير كلما خرج من أي مكان، نحنُ نُتابعه حتى نُقيّم أنفسنا، ونجد الطريق الصحيح للارتقاء بهذه الجامعة. هذه الجامعة لها خريجين، واظنُّ المجتمع المحلي يشهدُ على ذلك، فهُم من الكفاءة والمعرفة لإدارة ما يُطلب منهم في سوق العمل، وأنتم منهم. ولكن رأينا أن الجامعات تقاس بالبحث العلمي، فكان أن قمنا على تطوير الطلبة، وتأخرنا في البحث العلمي.

الآن إذا كانت هذه الجامعة قد خرّجت 23 ألف طالباً وطالبة، أظنُّ من الأجدر بها أن تُخرّج العلماء والباحثين. وأقول أن جامعة الشارقة تستطيع أن تقوم بذلك، ولكن هذه الجامعة تريد خطةً نتبعها لنصل إلى تخريج العلماءِ، وتخريّجُ الأبحاث العلمية النافعة للمجتمع وللبشرية. وكان، فكانت الخطوة الأولى أن نُقوّي الإدارة حتى لا يكون هناك ارتباكٌ في العمل، وفعلاً بدأت الخطوة بتعيين نوابٍ للمدير، وكلٌ في تخصصه. هذه الخطوة الأولى.

الخطوة الثانية مهمة جداً وهي تكوينُ الموارد المالية التي ستصرف على البحث العلمي، حتى لا نكون بُخلاء، لأن البحث العلمي يحتاج منا موارد كبيرة، لذا رأينا أن نسلك هذا الطريق الصحيح، وقد كان. فأصدرنا قراراً باستيفاء درهم المعرفة على جميع العمليات الإدارية لحكومة الشارقة.

لكن هذا لا يكفي، نريدُ الكوادر البشرية التي تستطيع أن تقوم بهذا العمل، ولذلك علينا الآن اختيار من سيقومون بإدارة البحث العلمي، لأن إدارة البحث العلمي تتمثل في المعامل، وفي الكفاءات العلمية التي تساعد طلبتنا على البحث العلمي. ولذلك الواجب علينا الآن أن نباشر في بناء المباني التي تخصُّ البحث العلمي والجامعات كذلك. وفعلاً سيبدأ إن شاء الله العمل من الآن في بناء المختبرات العلمية التي تصل الى مضاعفة المعامل القائمة في هذه الفترة.

نقولُ كذلك هذا لا يكفي، نريدُ من سيقوم بتلك الأبحاث من الطلبة. إذن علينا واجبٌ في جامعة الشارقة وهو أن نقوم بصقل بعض الخريجين الذين نتوّخى فيهم البحث العلمي، من الذين يستطيعون ألا تشغلهم مغريات الحياة، بل يشغلهم الفكر العلمي، وذلك يبدأ الآن من خلال ملاحظة الطلبة من السنة الأولى الى أن نصل الى سنوات التخرج، نعاون فيها الطلاب، ونٌحفّزُ فيهم البحث العلمي، وهذه خطوة ضروريةٌ جداً.

أسلوب البحث العلمي لابد أن يكون مناسباً، غايته هي منفعة المجتمع، ومنفعةِ البشرية. أسلوب لابد فيه من التواصل مع الجامعات العريقة في البحث العلمي ليأخذوا بأيدينا الى الطريق الصحيح، وهذا ليس عيبا. أوروبا لما أرادات أن تتقدم وتخرج من الظلام مدّت يدها الى العرب والمسلمين، فتَرجمتْ، ولدي ما يشهدُ على ذلك، في الكتب القديمة البيزنطية التي تُرجم العلمُ العربي إليها. وعند قراءة ذلك يفخرُ الإنسان أن له جذور، وأنّ له انتماءٌ لهذا الإسلام الذي هيّأنا لأن نكون أداة للتنوير في ظلام أوروبا.

نرجع إلى موضوع البحث العلمي، هذه الإمكانيات إذا توفرت أظنُ أننا سنكونُ في مقدمة الجامعات عندما يبدأُ العدُّ والتقييم. نطمئن أبنائنا وبناتنا أن جامعتكم بخير، وأنها تواصل الطريق ربما الى الأعلى، ونحن كذلك في جامعة الشارقة قد اتخذنا قراراً ألا نتمددُ أفقياً، لأن ذلك يكون عبئاً على الجامعة من مدرسيها وإدارييها، ولذلك نلّمُ أنفسنا، ونقلّلُ قبول الطلبة، الى درجةٍ نستطيع أن نتعامل معهم تلك المعاملة التي تهيئهم الى ما نصبو إليه.

هذه الجامعة تستطيعُ بالإمكانيات الفردية الموجودة فيها أن ترتقي. كانت امامنا مشكلة واحدة هي: المال، وقد تم تدبيرهُ. المعامل وستستبدل إن شاء الله بعد خطابي هذا. الكوادر المطلوبة ممكن أن نستقطبها من العالم كله. القائمة التي سنضعها للبحث العلمي معروفة، لأننا نعرف حاجة الناس في البحث العلمي ومخرجاته، ونعرفُ كذلك حاجة البلد لتلك المخرجات.

أمامنا مشكلة ليست في الإمارات فقط، وإنما في كل الجامعات. الجامعات ترتقي والتعليم الأساسي يتراجع. هناك هُوّة. هذه الهُّوة لا نجدُ من يملأُها. يأتينا الطالب من التعليم الثانوي ليكون مهيئاً أن يبدأ بحثه ودراسته على ما قد تعلمه عند تخرجه من الثانوية، ولكن كثيرٌ منكم من المدرسين هنا يعلمون العناء الذي يجابهونه. كلما عرضَ أستاذاً أسلوباً أو نظريةً اضطر أن يعيد الدروس التي كانت في الثانوية، حتى يُعلّمُ من جديدْ. بعض الجامعات تتخذُ أسلوباً آخر، تعطي سنةً دراسية يدرسون وكأنهم يدرسون الثانوية من جديد. لا يدرسون أي شيء من البرنامج الجامعي، وإنما البرنامج الثانوي. هذه الهُوّة هي مسؤولية من يتولون التعليم. المسؤولون من الابتدائي، بل من الروضة، بل من الحضانةِ. فلو بدأنا بالأسلوبِ الصحيح، ونحن نعرف الطريق ونهايته، فلابد أن نُقيّم الطريق إلى نهايته حتى نعرف وندخل باب الجامعة.

نأمل من المسؤولين في التربية والتعليم قبل أن يتخذوا أي قرار، لأن التعليم ليس محو أمية، التعليم تكوين إنسان يستطيع أن يواكب العصر، ويبحثْ ويتعلم ويرتقي، ومخرجاته تكون الطبيب والصيدلي، هذه المخرجات هي المجتمع. هذا هو المطلوب، إذن نبدأ من الروضة، ونحن نمشي في طريق غايتنا هناك.

نأمل بإذن الله أن تصل هذه الكلمة إلى أسماع المسؤولين ليّعُوا ويعرفوا ماذا يحدث عندما يُقدّمون لنا خريجي الثانوية. نتمنى لخريجي الثانوية النجاح والتوفيق، ونقول لهم أبواب جامعة الشارقة مفتوحة، ستجدون كل ما ينقصكم، مع أسفٍ نضيفه ثانية وثالثة حتى تقفوا في صفّ الركّبِ الذي يتطلع إلى التقدم».