َ العنوا : حقيقُة تاري ِخ ُعُما َن المؤلف: الدكتور سلطا بن محمد القاسمي (اإلإمارات) الناشر: منشورات القاسمي، الشارق ، اإلإمارات العربي المتحدة م 2024 - هـ 1446 : سن الطبع حقوق الطبع والنشر محفوظ © * 978-9948-737-42-1 الترقيم الدولي : * م، 2024/09/09 ، بتاري MC-03-01-7766984 إذ طبا رقم: � مجلس اإلإمارات لإلإ الم ، اإلإمارات العربي المتحدة AL Bony Printing Press- Sharjah, UAE الطبا : E الفئ العمري : * التوزيع: منشورات القاسمي الشارق ، اإلإمارات العربي المتحدة 64009 ص.ب: ،0097165520070 ، براق: 0097165090000 هاتف: info@aqp.ae البريد اإلإلكتروني:
5 املقدمة ما معنى كلمة حقيقة ؟ احلقيقة : ما يجب على اإلنسان أن يحميه ، وحقيقة تاريخ عُمان ، واجب عل ّي قمت بتحقيقه بكل أمانة . احلقيقـة : ضـد املجـاز ، وحقيقـة الشـ ء : منتهاه وأصله ؛ واملجاز : هو اللفظ املنقول من معناه إلى معنى يالبسه ، لنعود إلى حقيقة الش ء . الدكتور سلطان بن محمد القاسم
7 نحـو األلف وخمسـمائة سـنة قبـل امليالد ، عـاش سـكان عُمان تغيـرات مثيـرة ، فقد دخل إلى أرض عُمان أعداد كثيرة من البشر ، قادمني من األحقاف الواقعة بني املهرة وصاللة ، والت كانت تبعد مسـيرة نصف يوم عن صاللة . إنهم قـوم عـاد ، وهـم من حمير ، الشـعب القديم ف بالد اليمـن ، حيـث كانـت لهـم دولـة قويـة )1( عاصمتها ظفار . ذكر الله تعالى األحقاف ف سورة األحقاف ، حيث قال تعالى : َوَٱۡذُۡكُۡر َأََخَا َعَاٍد ِإِۡذ َأَنَذََر َقَۡوَۡمَُهُۥ ِبِٱۡلَۡأَۡحَۡقَا ِف ۞﴿ ي ـِه َوَِمِۡن َخَۡلِۡفِِهِٓۦ َأَّلَا �َ َقـۡد َخََل َِتٱلُّنُُذُُر ِمِۢن َبَۡيِۡنيََد َو ِٓي َأ ََخَـا ُف َعََلَۡي ُۡكُۡم َعََذَا َبيَۡوٍۡم � َ ِإ ِِّن � ب ـ ُدُٓوٓا ِإِّلَا ٱَه َّلل �ۡ َت َۡع ـٓوٓا َأ َِج ِۡئَۡتََنَا لَِتَۡأِۡف َِكََنَا َع َۡن َءَاِلَِهَِتَِنَا َفَۡأِۡتَِنَا ل َقَا ٢١ ٖ َع َِظ ِٖم َقَاَل ِإَِّنََمَا ٢٢ َِ ٰـ ِد ِِق � ِب َِمَـا َت َِع ُِدُنَٓا ِإِن ُك ُـ َت ِم َِن ٱل َّٰص
8 ِٓيٓ � ِٰك ِِّن � ُِغ ُُك ّمَٓاُأُۡرِۡسِۡل ُۡتِبِِه َوََٰل � ِ َوَُأ َُب َّل � ٱلِۡعِۡلُۡم ِع َِدٱِه َّلل َفََلَّمَـا َرََأَۡوُۡه َعَاِرِٗضٗـا ٢٣ َ َل ـو َن َأََرَٰى ُٰكُـۡم َقَۡوۡٗمٗـا َتَۡجَۡه َٰذَا َعَاِر ِٞض ُّمُۡمِۡطُِرُنَا َبَۡل ُهَُو � ّم ُۡسَۡتَۡقۡبَِل َأَۡوِۡدِيَِتِِهِۡم َقَاُلُوْا َٰه ُِرُ � ُت َُد َّم ٢٤ ٞ َمَاٱ ۡسۡـَتَۡع َۡجَۡلُۡت ِبِِهِۖۦ ِرِي ٞح ِف َِهَا َعََذَا ٌب َأَلِيٞم ۚ� ِٰك ُِن ُُه ُۡم � َِهَا َفََأ َۡصۡب َُحُو ْا َلَا ي َُر َٰٓى ِإِّلَا َم ََٰس � ُك َُّل َشَۡيِۡء ِبَِأ َِۡر َرَِّب ُٰه ُۡمۡ � َوَلََقَۡد َمَّك ََّٰن ٢٥ َِ َج ـ ِزِي ٱلَۡقَۡوَۡم ٱۡل ُۡم ُۡج ِۡرِِم ِٰلَِك َن � َك ََٰذ ٰٗرٗا �ۡ ُٰكُۡم ِف ِِه َوََجََعَۡلَۡنَا َلَُهُۡم َسَۡمۡٗعٗا َوََأَۡب � ِف َِمَٓاِإِن ّمَّك ََّٰن ُٰرُُهُۡم َوََلَٓا �ۡ َِدَٗة َفََمَٓا َأَۡغ َٰۡى َعَۡنُۡهُۡم َسَۡمُۡعُُهُۡم َوََلَٓا َأَۡب � َوََأ َۡفۡـ ِ� ِٰت ٱِه َّلل � نـوْا َيَۡج َۡحَُدُوَنأَـِب َٰي � ِ َشَۡيٍۡء ِإِۡذ َكَا � ــَدَُتُُه ّم � َأ َۡفۡـ َوَل ََق َۡدۡ ٢٦ َ بـِه َيَۡسۡـَتَۡهِۡزُِءُوَن ن ـو ْاْ � َوََحَـاَق ِبِِهِـ ّمَـا َكَا ِٰتِ � ِـ َنٱلُۡقَُر َو ََص ََّرَۡفَۡنَاٱٓأۡل َٰي � ۡن ـا َمَا َحَۡوۡل َُك ّم َأ َۡه َۡل َۡك ْْا َفََل َۡوَۡلَا ن ََص ََُهُـ ُم ٱَّل َِذِي َن ٱ ّتََخ َُذُو ٢٧ َ ل ََعَّل َُهُـ ۡم ي َۡر ِۡج ُِعُـو َن ِٰل َِكَ � ۚ َو ََٰذ � ِ ُقُۡرَۡانًا َءَاِلَِه ََۖۢة َبَۡل َضَّلُوْا َعَۡنُۡهُۡم � ِمِـ ُدُوِنٱِه َّلل (سـورة األحقاف ، ﴾ ٢٨ َ ِإِۡف ُۡكُُهُـۡم َوََمَـا َكَانُوْا َيَۡفَۡتَُرُوَن . )28-21 اآليات
9 : هـو النبـ هود عليه ﴾ٍُۡر َأ ََخ ـ َا َعَاٍد ـ َوَٱ ۡذ ُۡك ﴿ السالم . : وإله ﴾َ ِ ُقُۡرَۡانًا َءَاِلَِه � َخـ ُذُوْا ِمِـ ُدُوِنٱِه َّلل ٱ ّت﴿ قـوم عـاد هـو «عشـتروت» أو عشـتار ، وهـو إله احلب واخلصب واجلمال ، عند احلميريني . ذكـر الله تعالى ف سورة األعراف املجادلة بني النبـ هـود عليه السالم وقوم عاد ، حيث قال سبحانه وتعالى : ْْا َٰقَۡوِۡم ٱ ۡعۡب ُُدُو � َوَِإَلَٰى َعَاٍد َأََخَاُهُۡم ُهُـ ٗدٗۚا َقَاَل َٰي ۞﴿ َقَا َلَ ٦٥ َ ۚ َأََفََلَا َتَّتَُقُوَن � ٰـٍه َغَۡيُۡرُُهُۥ � ِۡن ِإَِٰل � َ َمَـا ل َُكُ ّم � ٱ َه َّلل ن ـا لََن ََرَٰى َٰك ِف �ِ ـَمََلَُأٱَّلَِذِيـ َن َكََفَـُرُوْا ِم َقَۡوِۡمِـِهِٓۦ ِإ ل ٱ َٰق َۡو ِۡمِ � َقَاَل َٰي ٦٦ َِ ٰـ ِذ ِِب � َسَـَفَا َهَٖة َوَِإنَا ل ََُظُّن َُك ِم َِن ٱل َٰۡك ٦٧ َ َٰل َِم َِن � ِ ٱل َٰۡع � ِ ّر َّب � ِ َر َُس ُٞلٞ ّم � ِٰك ِِّن � لَۡي َۡس ِب َسََفَاَهَٞة َو ََٰل ٦٨ ٌ ِ َوََأَنَال َُكُۡمنَا ِص ٌِح َأَِم ٌِن � ِٰت َرَِّب � َٰٰل � ُِغ ُُكُـ ۡمۡ ِر َِٰس � ُأ َُب َّل
10 ُِكُـۡم َعََلَٰى � ِ ّر َِّب � ۡت ـۡم َأَن َجَٓاَء َُكُـۡم ِذِۡكۡـٞر ّم َأ ََو ََع َِجِب ۚ َوَٱۡذُۡكُـُرُٓوٓا ِإِۡذ َجََعََل َُكُۡم � ُِكُـۡم لِي َُِرَُكُـۡم � َرَُجُـٖل ّم ق ـۡوِۡم ن ُٖح َو ََزَا َد َُكُـ ۡم ِف ٱ ۡلَۡخَۡل ِۡق ُل ـَفَٓاَء ِمِـۢن َبَۡعِۡد ُخ ٦٩ َ ِ لََعَّل َُكُۡم ُتُۡفِۡلُِحُوَن � ۖ َفَٱۡذ ُۡكُـُرُٓوٓا َءَاَل َٓاَء ٱِه َّلل � َۡط َٗة � َب َۡۜص ن ـَذََر َمَا َكَان �َ َ َوَۡحَۡدَُهُۥ َو � ب ـ َد ٱَه َّلل �ۡ َن ـا ل َِۡع ـٓوٓا َأَِجِۡئَۡت ل َقَا ِن ـا ِبَِمَـا َتَِعِـُدُنَٓا ِإِن ُكُـ َت ِمَِن ن ـا َفَۡأِۡت �ُ ب ـُد َءَاَبَٓاُؤ �ۡ َي َۡع ُِك ُۡمۡ � ِ ّر َِّب � ق ـاَل َقَۡد َوََقََع َعََلَۡي ُۡك ّم ٧٠ َِ ِٰد ِِق � ٱل َّٰص ِٰدُِلُوَن ِفِٓي َأَۡسَۡمَٓاٖء َسَّمَۡيُۡتُُم َُهَٓا � ۖ َأ َُت َُٰج � ِرِۡج ۡٞس َوََغََض ٌَۖب ۚ� ٰٖن � ُ ِبَِهَا ِم ُسُـۡل َٰۡط � ن ـّز ََل ٱُه َّلل � تـ ۡم َوََءَاَبَٓا ُؤ ُُكُـ ّمَـا َأَن ُٰهُ �ۡ ََج َۡي َف ََأ ٧١ َ َِن ٱۡلُۡم َُِظِِرِي َن � ِ َمََعَُك ّم � َفَٱنَتَِظُِرُٓوٓا ِإِِّن ْْا ِّنَا َوََق ََطَۡعَۡنَا َدَاِب َِر ٱَّل َِذِي َن َك َّذَُبُو � َوَٱَّلَِذِيَن َمََعَُهُۥ ِبَِرَۡحَۡمَٖة ّم ( سـورة األعراف ، ﴾٧٢ َِ ِٰتَِنَا َوََمَا َكَانُوْا ُۡؤِۡمِِن � ا َٔـ ِب َٰي . ) 72-65 اآليات فـ اآليـات السـابقة يذكـر اللـه تعالـى أنه
11 أجنى هودا والذين معه برحمة منه ، وقطع الله تعالـى دابـر الذيـن كذبوا بآيات اللـه ولم يكونوا مؤمنني ، أي استأصلهم من األحقاف . ف سورة احلاقة جاء ذكر قوم عاد ، والهالك الذي أصابهم ، قال الله تعالى : ٦ ٖ َصََۡص َعَاِتَِيَٖة ٖ َوََأَّمَـا َعَاٞد َفَُأُۡهِۡلُِكُوْا ِبِِرِيـٖح ﴿ ِٰنَِيََة َأَيَاٍم ُحُُسُـ ٗمٗا � َسَـ َّخََرََهَا َعََلَۡيِۡهِۡم َسَـبَۡعلَيَا ٖل َوََث ََٰم َخ ـ ٍلٍ َفََتََر ٱلَۡقَـۡوَۡم ِف َِهَـا َص ََۡعَٰى َكََأََّنَُهُـۡم َأَۡع َۡجَـاُز َن ( سـورة ﴾ ٨ ٖ ِۢن َبَاِقَِيَٖة � َفََهَۡل َتََر َلَُه ّم ٧ ٖ ي ـ ٖة �ِ َخَا ِو . ) 8-6 احلاقة ، اآليات فـر قوم عـاد خوفا من تلك الريـاح العاتية ، والتـ كانـت تهلـك كل مـن مـرت بـه ، حيث كانـت تهـب من الناحيـة اجلنوبية لألحقاف ، أي مـن بحـر العـرب ، فـكان اجتاه سَـير النب
12 هـود عليـه الـسالم ، ومـن معه مـن املؤمنني إلى الشمال الشرق ، ناحية ظفار ، فتبعهم الفارون مـن تلـك الريـاح ، مـن السـاحل ومناطـق البدو وانتشروا ف أرض عُمان . توفـ النبـ هود عليـه الـسالم ، وقبره ف جبـال ظفـار ف صاللة ، حينها انتشـر قوم عاد مـن املؤمـنني وغيـر املؤمـنني فـ أرض عُمـان ، ودمروا كل شـ ء بتسـلطهم ، حيث انتشروا ف جميـع مناطـق عُمان ، من ذلك يتب ّين أن سـكان عُمان هم قوم عاد احلميريني وليسوا فرسا ، كما ذكره سلمة بن مسلم العوتب ف مخطوطة كتاب )2( األنساب . 700 – 1300 ( بدراسـة العصـر احلديـدي سـنة قبـل املميالد ) وخاصـة ف أواخره ، سـنة قبل امليالد ، يتب ّين أن هناك سلطة مسيطرة 700
13 بنزعة نحو املساواة القانونية واألهمية الدينية ، ولم يتضح لنا من كان املسيطر على تلك السلطة ، حتى برز لنا أول ملك لعمان ، وهو : «باد» ملك أرض قاد ، الذي سكن ف مدينة إزكـ ، وبالبحـث عـن كلمـة «باد» فـ معاجم اللغة العربية ، عثرت على تفسير كلمة «باد» ، فـ معجـم منت اللغة ألحمد رضا ، اجلزء األول ، فقـد ذكـر أن معنى «باد» هو : 257 الصفحـة السلطان ذو العدوان ، وذو البدوان ، أي ال يزال يبـدو لـه رأي جديد ، وقاد هو اجلبل الطويل ، وذلك ذكر للجبل األخضر . كانـت العالقـات بني قـاد واإلمبراطوريـة اآلشـورية قويـة ، وكان أحـد أشـهر امللـوك - 668 ( » اآلشـوريني هـو «آشـور بانيبـال سـنة قبـل املميالد ) ، وقـد وضع نقشـًا 627
14 ف معبد عشتار ف نينوى ، يعود تاريخه إلى قبل امليالد - يعرف باسـم ( بالطة 640 سـنة عشـتار ) - حيث تلقت التماثيل / اجلزية من «باد» ، ملك قاد ، والت رمبا كانت عاصمتها تقـع فـ إزك ، وكان النقش كالتال : « ... باد ، ملك أرض قاد ، الذي سكن ف مدينة إزك ، الت لم يطأ أي ملك سابق حدود آشـور : بأمر آشـور وننليل مبعوثهما إلى السالم والنوايا احلسنة مع تكرميهم الغن ، سافروا ف )3( رحلة مدتها ستة أشهر ، وجاؤوا إل » . من النص السالف الذكر ، يتب ّين لنا أن امللك آشـور ف نينوى بني النهرين ، هو من أبناء عم امللـك «بـاد» فـ قـاد ( عُمان ) فهما مـن عاد ، حيث كانت مجموعة من اإلرميني قوم عاد ، قد فرّت إلى ما بني النهرين حاملة صنمها عشتار ،
15 عند االجتياح اإلغريق على قوم عاد اإلرميني ، الذين جاؤوا من األحقاف . بعـد تلـك الفتـرة بعـدة سـنوات ، كان امللك على عُمان يدعى «ماكان» ، ويقال له : ملك قاد ، وقد بحثت عن االسـم ، فوجدته ف كتاب لغة نامـة ، والـذي يتألـف من خمسني جـزءا باللغة الفارسـية ملؤلفـه عل أكبـر دهخدا ، وف اجلزء وجـدت كلمـة «مـاكان» ، 76 وبالصفحـة 43 فكانت أنها اسم مللك ، وف القواميس العربية ، ماكِـن أو مَـكّان ، األول مـن مكَـن بالتخفيـف ، َن بالتشـديد ، وهو السـلطان ذو � والثانـ مـن مك القـدرة ، و«مـاكان» وهو سـلطان اجلبل األخضر )4( ف مدينة إزك . فـ عهـد امللـك «مـاكان» ، قـام «قـورش»
16 مؤسس اإلمبراطورية األخمينية ف بالد فارس ، سنة قبل امليالد ، وأخذ يستول 600 – 640 علـى املناطق من حول بالد فارس . قـام امللك «قـورش» مبحاولة احتالل عُمان ، فاستنجد امللك «ماكان» بامللك اآلشوري ، «آشور بانيبال» ، والذي شن هجوما على فارس ، وقهر األخمينـيني ، واحتـل «شـوش» بخوزسـتان (عربسـتان) ، حتـى وصـل إلـى «ديزفـول» » ، عنـد اجلبـال ، وهـ البوابـة إلـى Dezful« عمـق فـارس ، وأخـذ يهدد دولـة األخمينيني ، ممما اضطر امللك «قورش» إلى التوقف عن تهديد )5( عُمان . ف ضوء ما ورد ف نقوش فارسية (الفارس القديـم) ، أن موقـع «مـاكان» فـ النقش ، جاء قبـل قـاد ، فه ليسـت مرادفة كمـا ذكر بعض
17 املمؤرخني مـن أن «ماكان» تعنـ عُمان ، وكذلك قاد فه مرادفة ، وذلك غير صحيح ، والصحيح ملك عُمان . نعود إلى نصوص «آشور بانيبال» ، لتذكر أن احلاكـم «بـاد» كان مقيمـا فـ عاصمتـه إزكـ فـ بالد قـاد ، ومـن املؤكـد تقريبـا أنها نفسـها املدينـة العمانيـة إزكـ احلالية ف شـمال غرب مسقط ، والت بقيت محتفظة باسمها القديم ألكثر سنة ، ويتوافق هذا مع الكالم املتداول 2600 من اليـوم عن إزكـ احلديثة ، باعتبارها أقدم مدينة ف السـلطنة ، ومن غير املعلوم حتى اآلن ما إذا كانـت بقايـا إزك القدمية موجـودة حتت مبان املدينة احلديثة ، أو حتت احلارة القدمية املعروفة )6( باسم حارة اليمن ، أو ف مكان قريب منها .
18 وصل األزد بقيادة مالك بن فهم إلى عُمان ، وكان قادمـا مـن مـأرب بعـد أن أجالهـم السـيل العرم . لقد ذكر الله تعالى قصتهم ف سـورة سـبأ ، حيث قال الله سبحانه وتعالى : ۖ َجَّنََتَان َع � لََقَۡد َكَان ِل َِسَبَٖإ ِف َۡس َۡكَِنِِهِۡم َءَايَٞة﴿ ُِكُۡم َوَٱۡشۡـُكُُرُوْا َُهُۥ � ِۡزِۡق َرَِّب � ۖ ُك ُُلُو ْاْ ِمِ ّر � يَِم ِٖن َوَِشِـَمَاٖل َفََأَۡعَۡرَُضُـوْا َفََأَۡرَۡسَـۡلَۡنَا ١٥ ٞ ب ـٞة َوََرَّب َغَُفُـ ٞر �ِ � َبَۡلَۡدَٞة َطَّي ُٰهُـ ِبَِجَّنََتَۡيِۡهِـۡم َجَّنََتَۡيِۡن �ۡ َعََلَۡيِۡهِۡم َسَـۡي َۡل ٱلَۡعَـِرِِم َو ََّدَل ١٦ ٖ ِ ِسِـۡدٖۡر َقَِل ِٖل � َذََوَاَتَۡي ُأ ُُكٍُل َخَۡم ٖۡط َوََأَۡثٖۡل َوََشَۡيٖۡء ّم ٰـِزِي ِإِّلَا � ۖ َو ََه َۡلۡ ن َُٰج � ُٰهُـ ِبَِمَـا َكََفَـُرُْۖا �ۡ ٰلـَك َجََزَي � َٰذ َٰر َۡك َۡنَا � َوََجََعَۡلَۡنَا َبَۡيَۡنَُهُۡم َو ََۡي َۡنٱلُۡقَُر ٱلَِت َٰب ١٧ َ ٱل َۡك َُف َُر ۖ ِس ُِرُوْا ِف َِهَا � ِٰه َِرَٗة َوََق َّدَۡرۡنَا ِف َِهَا ٱـ ّسَۡيَۡر � ِف َِهَـا ُق ُٗرٗ َٰظ ِٰعِـۡد َبَۡيَۡن � ـوْا َرََّبََنَا َٰب ل َف ََقَا ١٨ َِ لَيَـاِلَِي َوََأَيَاًمًـا َءَاِمِـِن
19 ُٰهُـۡم َأ ََحَاِدِيـ َث �ۡ َأَۡسۡـَفَاِرِنَا َوََظََلَُمُـٓوٓا َأَنُف َُسَـُهُۡم َف ََجََعَۡل ِ َصَبَا ٖرٖ � ُِك ُِّل � ٰٖت ل � ِٰل َِك ٓأَلَٰي � ۚ ِإِنَ ِفِ َٰذ � ُٰه ُۡمۡ ُك َُّلَ َُم َّز ٍَق �ۡ َو ََّز َۡق ) 19-15 ( سورة سبأ ، اآليات ﴾١٩ ٖ َش َُك ُٖر جاء ف السورة : السيل العرم : سيل شديد ال يطاق . كان معظم املؤرخني يذكرون أن تصدع السد ، كان مـن بدايـة التقويـم امليالدي ، ومـا تاله من السـنني ، ما عدا أحمد حسني شـرف الدين ف كتابـه اليمـن عبر التاريخ ، حيث ذكر أن تصدع )7( قبل امليالد . 115 السد كان حوال سنة عندمـا وقع السـيل العرم ، تفرقت األزد ف أنحاء شتى من أرض اجلزيرة العربية ، أما مالك بـن فهـم بن تيم الله بن أسـد بـن وبرة بن تغلب بـن حلـوان بـن عمـران بـن احلاف بـن قضاعـة )8( األزدي ، فقد توجه إلى أرض عُمان .
20 ذكـر سـلمة بن مسـلم العوتب فـ مخطوطة كتاب األنساب قائال : « وتقدّم مالك بن فهم األزدي ف قبائل األزد ومـن معـه من أحيـاء قضاعة إلـى أرض عُمان ، فدخلها ف عسكرهم ، ف قبائل من قومهم من قضاعـة ، مـن اخليل والرجال والعـدة والعدد ، فوجـد بعُمـان الفرس من جهة امللك دارا بن دارا بـن بهمـن بـن إسـفنديار ، وهـم يومئـذ أهلهـا وسـكانها، واملتقـدّم عليهم املرزبـان، عامل ملك )9( فارس » . إن ادعـاء التملـك لعمـان مـن قبـل احلحكام الفرس ، القى أصداء ف األسـطورة العمانية ، كما جاء ف كتاب كشف الغمة ، الذي يحك قصـة احلرب بني األزديني واحلكام الفرس ف
21 عُمـان ، ومـن املعتقـد أن تاريـخ بدايـة احلكـم الفارسـ فـ عُمان ، وحتـى طبيعته ، هو أمر )١٠( وهمـ للغاية . وقع سلمة بن مسلم العوتب ف خطأ عظيم ، حيث ذكر أن أهل عُمان وسـكانها من الفرس ، وتبعه ، مع األسف ، مؤرخو عُمان . ولتصحيح ذلك اخلطأ نذكر ما يل : أوال : إن سـكان عُمـان هم من احلميريني ، الذين اتخذوا ظفار عاصمة لهم . ثانيـا : إن قـوم عـاد دخلوا عُمـان مع النب هـود عليـه الـسالم ، ومن ثم من حلحق بهم ممن ارحتل من ساحل املهرة ، والبدو من الصحراء . ثالثا : إن هناك ملوكا عربا قد حكموا عُمان من امللك «باد» ومن بعده امللك «ماكان» .
22 جاء ذكر امللك الفارس «دارا بن دارا» ، وهو امللـك «داريـوس» بـن «داريـوس» ، والذي حكم قبل امليالد ، 330 إلى 335 فارس ما بني سنة وبذلك يكون وقوع السيل العرم ف ذلك التاريخ ، سنة قبل امليالد ) . 330 – 335 ( عندما وصل مالك بن فهم إلى عُمان ، اعتزل مبمن معـه مـن جانـب قلهات مـن شـط عُمان ، ليكـون أمنـع لهـم ، وتـرك العيـال واألثقـال ، وتـرك معهـم عسـكرا حلمايتهـم ، وسـار ببقيـة العسـكر حتـى نـزل بناحيـة اجلوف ، فعسـكر عسـكره ، وضـرب مضاربـه بالصحـراء هنـاك ، واجلوف تشمل إزك وأعمالها ، ونزوى وأعمالها ، )1١( وبهال وتوابعها إلى اجلبل األخضر شماال . فر من إزك ملك عُمان ، وهو ال بد أن يكون من أحفاد امللك «ماكان» ، إلى السـاحل الغرب
23 من عُمان ، ومن هناك بعثوا مللك فارس «داريوس» يطلبون منه املدد ، وكانت الرسالة كما يل : مـن مزون إلى «داريوس» ملك فارس ، وكان مـع ملـك عُمـان حكومتـه وجيشـه ف السـاحل الغرب لعمان . فف القواميس العربية : مزن : فر من عدوه ، ومـزون : الفـارون مـن أعدائهـم . كذلـك فـ القاموس الفارس ، لغة نامة : مزون : الفارون )1٢( من أعدائهم . قـام املمزون ، ( أي الفـارون مـن أعدائهـم ) بالتعاون مع الفرس ، السـتعادة ملكهم ، فنزلوا بصحـراء سـلوت قريبـا مـن نـزوى ، وتقابـل اجليشـان ، ومـا هـ إّلا عدة أيام مـن النزال ، حتـى انهـزم املمزون ومـن معهـم مـن الفـرس ، )1٣( واستقروا ف اإلقليم الغرب لعمان .
24 قبـل املميالد ، وصـل 331 فـ نهايـة سـنة اإلسـكندر األكبـر إلـى جنـوب شـرق املوصل ، وتقابـل مع «داريـوس» الثالث ، ف معركة هزم فيهـا «داريـوس» الثالث . أخذ اإلسـكندر األكبر يطـارد القـوات الفارسـية ، حينهـا هـرب امللك «داريوس» الثالث ، ومعه ضباطه إلى اجلبال ، حيـث قام ضباطه وقتلوه ، فاسـتولى اإلسـكندر )1٤( األكبر على فارس . ف فارس ، توف اإلسـكندر األكبر ف قصر نبوخـذ نصـر ، علـى ضفاف نهر الفـرات ، ف قبل امليالد ، فتقاسم إرثه 323 شهر يونيو سنة » حكم مقدونيا ، Antigonus قُوّاده : «أنتيغونس» « » حكم مصر ، و«سـلوقس Ptolemy و«بطليموس» « » ، ويقال له األول ، Seleucus Nicator نيكاتور» « وهو مؤسـس ساللة «سلوقس» ، وقد حكم فارس وسوريا ، والساحل الغرب من عُمان .
25 علم «سلوقس» األول أن عُمان متلك ميناء دبا التجـاري علـى بحر عُمـان ، وأن البضائع تأت إليه من ميناء السند ، عند مصب نهر السند ف بحر العرب . كانت جتارة الصني تأت من طريق احلرير ، وينقل جزء منها عبر نهر السند حيث مير طريق احلريـر إلـى شـمال منابـع نهـر السـند ، ثـم يسـتمر غربـا مـارا مبقاطعـة كرمان ومـن هناك يتجه غربا . قـام «سـلوقس» األول باحـتالل مينـاء دبـا ، َ قـام باحتالل ميناء السـند ومـا حوله ، � ومـن ثـم لتأمني مرور التجارة . قـام العمانيون بهجمات متعـددة على مدينة دبا السـتردادها ، حيث تم اكتشـاف أعداد من
26 رؤوس السـهام منتشـرة حول دبا ، وكانت تلك الرؤوس تصنع ف مدينة مليحة . استبدلت فارس بعد احتالل العمانيني مليناء دبا طريقا آخر من كرمان مير بطريق احلرير . أخذت التجارة متر من كرمان إلى شاميل إلى )1٥( ساحل فارس على اخلليج العرب . ثم أعقب «سلوقس» األول ، «سلوقس» الثان ، وبعده «سلوقس» الثالث . قبل امليالد ، استطاع الفرثيون ، 250 ف سنة أو األشكانيون ، وهم شعب من أصول فارسية ، اسـتقر قدميًا فـ خراسـان ، مـن طـرد عائلـة «سـلوقس» الثالـث مـن فـارس ، وبقيـت ساللة «سلوقس» ، حتكم سوريا . قبل امليالد ، 250 بعد تلك الفترة وه سنة
27 تم اكتشـاف بعـض اآلثار الفرثية األشـكانية ف مليحة بإمارة الشارقة ؛ مما يدل على أن الفرثيني األشكانيني قد حكموا الساحل الغرب لعمان . لكـن ذلـك االحـتالل لـم يسـتمر ، حيـث استطاعت عُمان طرد الفرثيني الفرس من الساحل الغرب لعمان . فيما يل إثبات سـيطرة عُمان على السـاحل الغربـ لعمان ، وبذلـك تكون عُمان قد حتررت من االحتالل الفارس . مـن أهـم املكتشـفات التـ عُثـر عليهـا فـ مليحـة بإمـارة الشـارقة ، لـوح قبر مـن احلجر سم ، 87 سم ، وبطول 16 اجليري ، يبلغ سمكه سم ، كان قد استخدم كشاهد لهذا 52 وعرض القبـر ، وقـد احتـوى علـى نقـش جنائـزي ،
28 يتكون من خمسة أسطر بنصوص عربية جنوبية ف القسـم املركزي ، بينما تم كتابة نص بنفس اللغـة علـى احلافـة احمليطة ، ويترجـم النص كالتال : « نصب تذكاري وقبر عامود بن جر بن عل ، مستشـار ملـك عُمان الذي بنى عليـه ابنه عامود بـن عامـود بن جر مستشـار مللك عُمـان » ، وقد كتب النص بخط حميري . ويشير النص إلى أن عامودا بنى القبر لوالده ، وأن االثـنني كانـا فـ خدمة ملك عُمـان . وهذه أول إشارة تاريخية لدينا تُشير إلى وجود مملكة قبـل املميالد ف 214 – 215 عُمـان فـ سـنة )1٦( مليحة والساحل الغرب لعمان .
29 الهوامش 1. The Arabian Gulf in Antiquity I: From prehistory to the Fall of the Achaemenid Empire, D. T. Potts, Clarendon, Oxford, 1990, p. 232 . 2. Prähistorische Bronzefunde, Paul Yule, Gerd Welsgerber, C. H. Beck, Germany, 2001, - In the Shadow of the Ancestors: The Prehistoric Foundations of the Early Arabian Civilization in Oman, Cleuzio S & Tosi M, 2007 , - The Archaeology of Elam, D. T. Potts,
30 Cambridge University press, Cambridge, Uk, 1999 , رحلـة ابـن بطوطـة ، املسـماة حتفـة النظّـار فـ - غرائـب األمصـار وعجائـب األسـفار ، محمـد بن عبداللـه بـن محمـد بـن إبراهيـم اللواتـ الطنج املعروف بابن بطوطة ، املكتبة العصرية ، بيروت ، . 236 م ، اجلزء الثان ، ص 2014 ، لبنان . أسماء عُمان ف املصادر النقشية واألدبية القدمية ، ٣ أسـمهان سـعيد اجلرو ، وزارة التراث والثقافة ، ، 3 م ، ص 2012 ، سلطنة عُمان - From Magan to Qade, Alessandra Lombardi, Lerma di Brretschneider, Roma, 2015, p.29. . لغـة نامـة ، علـ أكبـر دهخـدا ، فارسـ ، ف ٤ م ، املجلـد 1915 ، خمـسني مجلـدا ، طهـران . 76 الثالث واألربعون ، ص . قاموس املنجد، معجم األعالم ، املطبعة الكاثوليكية ، ٥ . 51 م ، ص 1956 ، بيروت ، لبنان . االستكشاف األثري من وادي الفرات إلى عُمان ، ٦
31 وائـل حنـون ، منشـورات االحتحاد العـام لألدبـاء م ، 2023 ، والكتاب ف العراق ، بغداد ، العراق . 584 ص . كتـاب األنسـاب ، سـلمة بـن مسـلم العوتبـ ٧ الصحاري ، مخطوط ، املكتبة الوطنية الفرنسية ، ، باريس ، فرنسا ، من 5019 Arabe مخطوط رقم : مقتنيات املؤلف ، دارة الدكتور سـلطان القاسـم ومنشورات القاسم ، الشارقة ، اإلمارات العربية . 245 املتحدة ، ص . اليمـن عبـر التاريـخ مـن القـرن الرابع عشـر قبل ٨ امليالد إلى القرن العشرين ، أحمد حسني شرف ، مطبعـة السـنة احملمديـة ، القاهـرة ، مصـر ، ،126 م ، ص 1964 - مجلة اإلكليل ، سد مأرب والقرار التاريخ بإعادة م ، العدد األول ، 1985 ، بنائه ، صنعاء ، اليمن - مالحظات حول تاريخ اليمن السـعيد ، موسـكات . 33 م ، ص 1987 ، سبيتينو ، برلني ، أملانيا
32 . كتـاب األنسـاب ، سـلمة بـن مسـلم العوتبـ ٩ . 256-255 الصحاري ، مخطوط ، ص 10. Tepe Yahya and the Iron Age in southeastern Iran, Magee P. , Cambridge, Mass: American Schools for prehistoric Research: forthcoming, - In the Shadow of the Ancestors: The Prehistoric Foundations of the Early Arabian Civilization in Oman, Cleuzio S & Tosi M, 2007. . تاريـخ عُمـان ، املؤلـف مجهـول ، مخطـوط ، ١١ هــ ، املكتبـة البريطانيـة، مخطـوط رقـم: 1154 ، لندن ، اململكة املتحدة : 6568 - British Library (B.L.), OR. 6568, History of Oman, Arabic, p. 2 . . لغـة نامـة ، علـ أكبر دهخدا ، فارسـ ، طهران ، ١٢ ، 282 ،159 م ، املجلد الرابع واألربعون ، ص 1915 - تاريخ عُمان ، مخطوط ، املكتبة البريطانية: - B.L., OR. 6568, History of Oman, Arabic, pp. 2,
33 - قاموس املنجد، معجم األعالم ، املطبعة الكاثوليكية ، . 51 م ، ص 1956 ، بيروت ، لبنان . تاريخ عُمان ، مخطوط ، املكتبة البريطانية: ١٣ - B.L., OR. 6568, History of Oman, Arabic, pp. 2-3 . . اإلسـكندر األكبـر ، مسـرحية موثقـة ، ١٤ م . 1998 ، الدكتور سلطان بن محمد القاسم 15. The Early Iron Age Metal Hoard From The Al Khawd Area, Nasser Al-Jahwari, Ministry of Heritage and Tourism, Sultanate of Oman, 2022. ،٤٠٨ . قاموس املنجد، معجم األعالم ، ص ١٦ - من مكتشفات هيئة الشارقة لآلثار ، موقع مليحة ، ، الشـارقة ، SAA 75 S رقـم التسـجيل : اإلمارات العربية املتحدة .
9 789948 737421 ISBN 978-9948-737-42-1
sheikhdrsultan.aeRkJQdWJsaXNoZXIy OTg0NzAy