حكايات في صور

عرض الكل

تجول في مركز مليحة للآثار وشاهد معرض «رحلة الفاية إلى التراث العالمي»

سلطان يشهد الحفل الرسمي لإدراج «الفاية» على قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»

شهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مساء يوم أمس الاثنين، بحضور سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، وسمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، سفيرة موقع الفاية للتراث العالمي الحفل الرسمي لإدراج «الفاية» على قائمة التراث العالمي لليونسكو.

وأكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي خلال كلمة ألقاها في الحفل على استثنائية هذا الموقع الذي لا يختزن في صخوره طبقات الزمن فحسب، بل يحمل حكايات عن أول حضور للإنسان في هذه الأرض.

استهل الحفل بتدشين صاحب السمو حاكم الشارقة للنصب التذكاري الخاص بإدراج «الفاية» على قائمة التراث العالمي لليونسكو، متفضلاً سموه بإضاءة الأيقونة المخصصة للإعلان. كما تسلّم سموه شهادة الإدراج الرسمي من لازار إلوندو أساومو مدير مركز التراث العالمي في اليونسكو، في لحظة جسّدت المكانة العالمية للفاية، وأبرزت الإنجاز العالمي الذي يرسخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة، ودورها في صون الإرث الإنساني وحماية المواقع ذات القيمة الاستثنائية.

وأعلنت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي خلال كلمة ألقتها سموها عن إطلاق «منحة الفاية للبحوث»، وهي مبادرة علمية دولية بقيمة مليوني درهم لمدة ثلاث سنوات، بهدف دعم الدراسات المتخصصة حول موقع الفاية وتعزيز دور الباحثين الشباب، مع تخصيص فرص للطلاب الإماراتيين للمشاركة في بعثات علمية. وتُدار المنحة من قبل هيئة الشارقة للآثار.

وأضافت سموها: «في الحادي عشر من يوليو من هذا العام، أُعلن عن إدراج الفاية على قائمة التراث العالمي، وكانت لحظة عمِلنا من أجلها لعقود، وعندما حققنا ذلك الهدف، ما شعرنا به لم يكن الفوز والانتصار بقدر ما هو الامتنان، امتنانٌ لتقدير العالم لقناعتنا ولإدراك العالم بأن موقع الفاية يحمل قصة، وأن أصوات الذين عاشوا هنا قبل مئات آلاف السنين جديرة أن تُسمع بوصفها جزءاً من تاريخنا الإنساني المشترك».

وتناولت سمو سفيرة موقع الفاية للتراث العالمي أهمية إدراج «الفاية» على القائمة، قائلة: «إن إدراج الفاية على قائمة التراث العالمي يُؤكد الأهمية العالمية لهذا الموقع، ويعمّق فهمنا للهجرة البشرية المبكرة، والتكيّف، والابتكار، كما يضع شبه الجزيرة العربية في قلب تلك القصة، وتاريخياً، كان يُنظر إلى شبه الجزيرة العربية على أنها معبر بين القارات، ونجح موقع الفاية بتفنيد هذه الرواية وتغييرها، إذ يكشف عن حقيقة أن البشر الذين عبروا ذلك المكان عادوا إليه واستقروا فيه وتكيّفوا معه، وعلى امتداد آلاف السنين تطوروا وتعلموا و تركوا لنا آثاراً تساعدناعلى فهم جذورنا ومن أين أتينا، ومايربطنا مع بقية العالم كأسرة واحدة».

وأضافت سموها: «هذه الاكتشافات تدعونا إلى إعادة فتح كتب التاريخ وإعادة النظر في فرضيّات طالما اعتُبرت أنها مُسَلَّمات، وإدراك أن فهمنا لمسيرة الإنسان لا يزال قابل للاكتشاف والتطوير».

وثمنت سمو سفيرة موقع الفاية للتراث العالمي جهود صاحب السمو حاكم الشارقة، قائلة: «لم يكن لهذا الإنجاز أن يتحقق لولا رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، الذي تبنّى هذا المشروع ودعمه بحكمة والتزام ثابت لا يتزعزع على مدى عقود، لقد آمن سموه منذ البداية بأن هذه الأرض تروي قصة تستحق أن نشاركها مع العالم وأن معرفة تاريخنا وتراثنا وهويتنا هي أعظم استثمار في مستقبلنا، وساهم إيمان سموه الراسخ في ضمان استدامة المشروع على المدى الطويل».

وتطرقت سموها إلى الجهود التي بُذلت من قبل المؤسسات المعنية، قائلة: «حرصت هيئة الشارقة للآثار على العمل جنباً إلى جنب مع باحثين وأكاديميين من جامعات ومؤسسات دولية مرموقة بهدف تطوير هذا العمل عبر سنوات من التنقيب والدراسة والتحليل والاكتشاف إلى أن اتضح أن الفاية لعبت دوراً رئيسياً في الوجود البشري المبكر في هذه المنطقة، وأن شبه الجزيرة العربية كانت من أوائل مواطن البشرية التي شهدت تفاعلاً واعياً بين الإنسان ومحيطه المادي».

وتحدثت سمو سفيرة موقع الفاية للتراث العالمي عن الخطط المستقبلية، قائلة: «مع الاعتراف العالمي بهذه المعرفة نتطلع إلى مستقبل هذا الموقع وما سنتعلم منه في قادم الأيام والسنوات وما يتطلبه منا من التزام وجهود مضاعفة، ونحن في إمارة الشارقة، نؤكد تعهّدنا بحماية وصون الفاية، بما يضمن استدامة هذا الإرث للأجيال القادمة، وندرك أن قصة الفاية ينبغي أن تواصل التوسع من خلال البحث المستمر، والاكتشاف، والتعاون العالمي».

ووجهت سموها في ختام كلمتها التقدير والامتنان إلى لازار إلوندو أسومو مدير مركز التراث العالمي باليونسكو، وللأعضاء الموقرين في لجنة التراث العالمي، وكل من شارك في هذه الرحلة، مشيرة سموها إلى أن ثقتهم في القيمة العالمية الاستثنائية للفاية عنصراً أساسياً في الحصول على الاعتراف، مؤكدة سموها أن هذا الإدراج شرف ومسؤولية في آنٍ واحد، والفاية أصبح الآن ملكًا للعالم، معاهدة سموها على الاستمرار في العمل على تعميق الفهم لأهمية الموقع مع الأجيال القادمة.

من جانبه، أشاد لازار إلوندو أساومو مدير مركز التراث العالمي في اليونسكو، خلال كلمته بجهود الشارقة في الحفاظ على التراث، معبراً عن سعادته بالتواجد فيها للاحتفال بإدراج موقع «الفاية» على قائمة التراث العالمي.

وأوضح أن هذا الإدراج يؤكد القيمة العالمية الاستثنائية للموقع، ما يستوجب حمايته كتراث للإنسانية جمعاء، موجهاً الشكر لحاكم الشارقة على جهوده ودعمه الممتد للثقافة والتراث في المنطقة.

تضمن الحفل برنامجاً فنياً وعلمياً مكثفاً أتاح للضيوف تجربةً غامرة في تاريخ موقع «الفاية»، حيث بدأ بعرض فيلمين وثائقيين؛ الأول يوثق رحلة اكتشاف الموقع، والثاني يستعرض أهداف «منحة الفاية البحثية» ودورها في دعم الأبحاث المستقبلية ورعاية جيل جديد من الباحثين. ثم تلاه عرض ثلاثي الأبعاد بعنوان «قصة الفاية» على واجهة صخرية طبيعية، قدّم سرداً بصرياً وشعرياً يحاكي تحولات البيئة عبر أكثر من 210 آلاف عام. واختتم البرنامج بعرض ضوئي تفاعلي مبتكر بعنوان «أصداء الفاية»، جسّد ذاكرة المكان من خلال مشاهد متغيرة للبيئات الجبلية والصحراوية والطبقات الجيولوجية، ليقدم تجربةً حسية تجمع بين الفن والبحث العلمي وروح التراث.

وتفضل صاحب السمو حاكم الشارقة بتكريم المؤسسات الشريكة في ملف ترشيح موقع «الفاية» للتراث العالمي بتسليمها دروعاً تذكارية، تقديراً لدورها في تحقيق هذا الإنجاز العالمي. وقام سموه قبل الحفل بجولة في مركز مليحة للآثار، اطلع خلالها على معرض «رحلة الفاية إلى التراث العالمي» الذي يوثق المراحل التاريخية والاكتشافات الأثرية التي أدت إلى إدراج الموقع على القائمة العالمية عام 2025. كما شاهد سموه مجموعة من القطع الأثرية النادرة التي تُعرض لأول مرة، تعود إلى عصور قديمة تصل إلى 500 ألف عام.

وقد مثّلت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، السفيرة الرسمية لملف الترشيح، الإمارات والشارقة في اللقاءات الدولية وقادت الجهود التي تكللت بإدراج «الفاية» في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، مؤكدة أن الموقع يمثل أرشيفاً حياً لتاريخ الإنسان يمتد لأكثر من 210 آلاف عام.

للاطِّلاع على كلمة سموِّه في هذه المناسبة... اضغط هنا