قال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة: «من وقت لآخر علينا أن نتوقف ونفكر في الأسئلة التي يثيرها ما نختبره، ونحاول أن نجد أجوبة تشمل في جوهرها ثقافة عملنا وفلسفتنا وأهدافنا، واتجاهنا ووجهتنا، ومن خلال القيام بذلك، يمكننا تحديد كيف يمكن الحفاظ على هذا العمل، ونطوره على أفضل وجه».
وأضاف سموه في مقدمة تقرير «مجموعة أكسفورد» السنوي عن إمارة الشارقة: «إن السؤال الأبرز في سياق النشاط الاقتصادي هو: ما الهدف الذي نسعى إليه من خلال هذه النشاطات، وهل تساعدنا فقط على تحقيق الانتصارات على التحديات الراهنة، أم إنها واسعة بما يكفي لتعزيز ثقافتنا وفلسفتنا واستقرار مجتمعنا ورخاء دولتنا؟ وهل تقتصر نتائجها على منطقة جغرافية معينة؟ أم إنها شاملة في زمن أزيلت فيه الحواجز وزادت فيه قوة ارتباط الأشياء ببعضها؟»
وطرح سموه عدداً من الأسئلة الوجودية: «هل يهدف النشاط الاقتصادي إلى توليد الثروة؟ وما الذي يشكل الثروة الحقيقية للأمم وكيف يتم قياسها؟ يظهر عدد كبير من الأسئلة وتدور جميعها حول نقطة واحدة، ومع ذلك، فإن الناس والمصنعين يبقون هدف التنمية، وإذا كان النشاط التجاري أو أي نشاط آخر يتعارض مع هذه الحقيقة، فستضعف أسسها وستكون نتائجها تمييزية. قد يكون ذلك مفيداً لبعض الناس، ولكن لا يمكن أن يكون مستداماً أو عادلاً على الإطلاق».
وأوضح سموه: «يمكن إثبات هذه المعادلة على أفضل وجه من خلال الحالة الراهنة للاقتصاد العالمي، والتي بلغت ذروتها في أعقاب الأزمة المالية العالمية الأخيرة. وبين عشية وضحاها تحول الاقتصاد إلى وحش، ودمر نفسه وملايين البشر من حوله، واستغل بعض الأشخاص هذا الأمر لجمع الثروات على ظهور الآخرين. وهكذا تركت هذه الأزمة العديد من الناس من دون دخل أو موارد، وسلبت منهم القدرة على شراء المنتجات التي يصنعوها بأنفسهم».
وتابع: «إن التنمية الشاملة والمنصفة التي تركز على البشر فوق كل شيء آخر، هي السبيل الوحيد للقضاء على التفكك والنزاعات المتطرفة التي تعانيها العديد من المجتمعات المحلية والإقليمية والعالمية».
واستطر سموه: «ولهذا السبب، نعتبر التنمية العادلة أكثر الطرق نجاحاً للقضاء على التفكك والتطرف. والنموذج الاقتصادي الذي نرغب في تحقيقه، هو نموذج يتم فيه قياس النتائج من حيث التأثير الإيجابي لها على الواقع الاجتماعي، بما في ذلك الروابط القوية والدخل المستدام. نحن نرغب في خلق اقتصاد يسهم في تنمية الأفراد وثقافتهم في سياق الانتماء إلى المجموعة الواحدة».
وأكد سموه: «نحن نرغب في تأسيس اقتصاد قادر على دعم أركان الحضارة التي تغذي الابتكار وتغرس القيم والأخلاق الحميدة في مواطنيها. أليست هذه الثروة الحقيقية للأمم؟ أليست ذات أهمية متأصلة في الالتزامات الحقيقية للاقتصاد عبر التاريخ؟ ولهذا، فإن نظرتنا إلى الاستثمار والمستثمرين الأجانب، تتجاوز مجرد الآثار المادية. الاستثمار هو جسر للتبادل الثقافي المتوازن، وجسر للمعلومات والعلوم والمعرفة والخبرة».
واختتم سموه قوله بأن «الاستثمار الأجنبي ليس مجرد وسيلة لتحقيق الأهداف الاقتصادية الشخصية، بل هو أيضاً شريك في خلق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، وتطوير المعرفة وتعزيز الاقتصاد والتوسع إلى ما هو أبعد من الاعتماد على الذات. إنه مورد أساسي لتعزيز التنوع الاقتصادي والدخل القومي. نحن نقدم لشركائنا بيئة استثمارية آمنة، وبنية تحتية عالمية المستوى، ونظاماً تشريعياً يحمي المستثمرين واستثماراتهم. وهذا مجرد تعبير عما نشعر به وهو واجبنا كمضيفين لضمان نجاح هذه الشراكة في تحقيق غاياتها وأهدافها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية».