أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، نجاح مشروعات الغذاء المتنوعة التي اعتمدتها الإمارة في مناطقها المختلفة، واستمرار تطورها ورفدها عبر المراحل المقبلة، مما يجعلها متكاملة في جوانب الأمن الغذائي من المنتجات الزراعية والحيوانية، لتأمين احتياجات الإمارة من القمح والألبان وغيرها، مشيراً سموه إلى أن القمح المنتج في الشارقة من أجود الأنواع في العالم لاحتوائه على أعلى نسبة من البروتين، وخلوه من أية مواد كيميائية أو أسمدة وغيرها من المواد الضارة على صحة الإنسان.
جاء ذلك خلال كلمة سموه التي ألقاها، صباح اليوم الاثنين، بحضور سمو الشيخ عبدالله بن سالم بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، وسمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، في حفل حصاد المرحلة الأولى لمزرعة القمح «سبع سنابل» في منطقة مليحة.
وبارك صاحب السمو حاكم الشارقة خلال كلمة له بهذه المناسبة، حصاد المزرعة في مرحلتها الأولى، متناولاً سموه تاريخ الزراعة في المنطقة، وعودتها بكل فخر مرة أخرى إلى أرضها ومكانها الأول، قائلاً: «هذا يوم سعيد لدولة الإمارات العربية المتحدة، وللشارقة بصفة خاصة بمناسبة النجاح في استزراع القمح في مليحة، أرض المزرعة معظمها طينٌ خالصٌ ليس فيه شوائب، حيث كانت هذه البقعة في الأصل مجرى مياه، وكان يتجه من الجبال ناحية الفايه ومنها إلى البحر، والتربة فيها صالحة ليس بها أملاح ولا حصِي، ولذلك نرى أن هذه البقعة لا تعترض نمو جذور النباتات لأن النبات معروفٌ بأنه إذا اعترضت جذوره الحصى يغير مجرى الجذر له ويتعبه، مضيفاً سموه هذه الأرض سهلة ويسيرة ولذلك كان الإنبات كله في مستوى واحد، كما أن مدة الإنبات استغرقت 100 يوم. ومساحة هذه البقعة حوالي 1900 هكتاراً، الآن نزرع ثلثها، والسنة المقبلة سنزرع ثلث آخر، وبهذا الحصاد وفتراته المقبلة سنحصد بإذن الله 15200 طن من القمح، وهذه الكمية من تمثل استهلاك إمارة الشارقة في السنة الواحدة من منافذ البيع بالنسبة للقمح والدقيق المستوردين، والآن هذه الكمية المنتجة في الشارقة ستحل محل ما كنا نستورده».
واستعرض سموه المراحل الدقيقة وعمليات التخطيط المدروسة التي مر بها إنتاج قمح «سبع سنابل» متناولاً سموه مواصفات القمح الذي حقق مستويات قياسية من نواحي الجودة والسلامة الغذائية، قائلاً: «الدقيق المستورد الموجود بالأسواق لا تصل نسبة البروتين فيه إلى أكثر من 11%، وهناك النوع الذي تفاخر به الشركات كأجود نوع متوفر وتصل نسبة البروتين فيه إلى 14%، بينما قمح الشارقة به 18% من البروتين، والآن جمعية الشارقة التعاونية حجزت 9000 طن، وسيوزع باقي المنتوج من القمح على المؤسسات الأخرى، وإن شاء الله بعد تجارب مختبرية وحقلية سنصل إلى منتج يسمى " الشارقة-1” وسيكون أرقى نوع من القمح الذي نفاخر به».
وأضاف سموه: «هذا المنتج من قمح الشارقة حصلت بموجبه دائرة الزراعة والثروة الحيوانية على 5 شهادات معتمدة في الجودة لأن طريقة زراعته ونوعه خاليين من المواد الكيمائية كما أن كل السماد الذي غُذي به هو سماد طبيعي، وحتى احتياج القمح إلى المواد المعدنية المطلوبة توفرت له من مواد طبيعية، وبذلك يكون هذا القمح خال من أية سموم أو مكونات كيميائية تُغيّر من طبيعته كمادة غذائية أو تزيد انتاجه، كما أن لونه يميل إلى الأسمر وهذا دليل على كمية البروتين الكبيرة فيه، وحتى عمليات الري الخاصة به تمت الاستعانة فيها بأحدث التقنيات والأقمار الصناعية للتحكم في كمية المياه لضمان الري الجيد، حيث تم توفير نسبة 40% من المياه، وكل هذا الجهد اكتمل والحمد لله خلال ستة أشهر فقط».
وأثنى صاحب السمو حاكم الشارقة على التعاون المثمر مع العديد من الجهات والمؤسسات داخل الإمارة وخارجها والذي أسهم في نجاح المشروع في زمن قياسي. مثمناً دور الشيخ سالم بن محمد بن سلطان القاسمي المستشار بمكتب سمو الحاكم الذي دعم وشجّع الفكرة وساهم في تأسيس جمعية مزارعي القمح.
وأشار سموه إلى أن مشروعات التنمية واحتياجات المنطقة مستمرة ولا تتوقف على زراعة القمح فقط، بل هي متواصلة في الكثير من الجوانب الغذائية، ومنها الخضروات، قائلاً سموه: «بدأنا مشروع زراعة الخضروات منذ سنتين إلى ثلاث سنوات وهي زراعة خضار عالية الجودة وخالية من السموم والمبيدات، حتى يتمكن أطفالنا وأبنائنا من العيش في سلام، لأننا نلاحظ انتشار أمراض السرطانات، وكلها من السموم التي تعمل على زيادة حجم وشكل المنتوج ولكنها تتسبب في أكبر الأضرار الصحية، ولذلك نحن نستمر في زراعة الخضروات لدينا لأنها خالية من كل هذا».
وتحدث سموه عن المنتجات الحيوانية ومنها الألبان التي يكون المستورد منها يحوي مواد حافظة، إلى جانب قيام الشركات باستخلاص المواد الدهنية كلها، مما يفقدها قيمتها الغذائية الحقيقية مضيفاً: «نحن نعمل الآن على مشروع تربية الأبقار وهو برنامج مخطط له، يضم 1000 بقرة من نوع «الفريزيان» كلها عِشار وكل ما في بطونها من الإناث وستتضاعف أعدادها وسننشئ مصنع ألبان لهذا العدد الكبير وكذلك للصناعات التي تعتمد على منتجات الألبان».
وأوضح صاحب السمو حاكم الشارقة أن مشروعات المياه هي الأخرى تحظى باهتمامات سموه حيث خصصت لها عدة مشروعات تعمل على توفيرها وتخزينها في مختلف المناطق نظراً لطبيعة مناخ دولة الإمارات العربية المتحدة الصحراوي، وقال سموه: «نعمل على إنشاء بحيرات في مختلف مناطق الشارقة، منها بحيرة البطحاء في الذيد، والرفيصة في خورفكان، والحفية في كلباء، وذلك كاحتياطي للاستخدام في حالات الطوارئ، وستكفي بإذن الله المدن عند الضرورة، كما نعمل على تخزين المياه الفائضة من استخدام الناس في فترة الشتاء مقارنةً بفصل الصيف وتصل إلى 40%، ونعمل الآن على خزان في "المِدَيّنَة" وسط الجبال بسعة 5 مليار جالون، وهو يكفي للزراعة وحاجة الناس، وسنخزن فيه الفائض من الماء ليكون احتياطي للمنطقة الوسطى، كما لدينا بحيرة الذيد ومسافتها 2200 كيلومتراً، ولها مميزات قيمة جداً على المنطقة إلى جانب حفظها للمياه، حيث تعمل على تلطيف الطقس خلال فترات الصيف الحارة جداً، إلى جانب الرطوبة التي ستغطي المنطقة كلها كون نسبة التبخر منها ستكون عالية».
ودعا سموه أبناءه وبناته إلى شكر الله سبحانه وتعالى لكل النعم التي ينعم بها على الناس، والعناية بالدين الإسلامي وعدم تضييع أمور الدين بالدنيا ومكاسبها وملذاتها، وقال سموه: «كذلك ندعو إلى المحافظة على الوطن، فالوطن غالٍ، وأجدادكم كان يمكن أن يرتحلوا من هذا المكان بسبب شظف العيش أو الطقس، ولكنهم تمكسوا بأماكنهم ووطنهم، وعلينا أن نمسك في الوطن حتى إذا أراد أحدٌ أن يقتلعنا لا يمكن له أن يخلعنا من أرضنا، وعلينا المحافظة على الهوية، والقيم، ونظافة بلدنا. مضيفاً سموه أن قناة «الوسطى من الذيد» تعرض كل ما في المنطقة من قيم وتراث وطبيعة مما يعمل على تأصيل كل هذه المكونات الفريدة للبيئة وأهلها، داعياً الناس إلى مشاهدة القناة واستيعاب ما تقدمه وفهم مغزاه وأن ينقل إلى الواقع وأسلوب الحياة. واختتم صاحب السمو حاكم الشارقة كلمته بتوجيه الشكر والتقدير إلى كل من ساهم في مشروع مزرعة القمح بمليحة.