كشف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عن خطة تطبيق منهج تربوي تعليمي متكامل وفق ثلاث ركائز، أولها: القرآن والسنة، ثانيا: اللغة العربية ومفرداتها من شعر وأدب ونثر وغيره، وثالثاً: العلم.
وسيطبق المنهج على سلسلة تعليمية بجميع حلقاتها استمراراً من الحضانة إلى أرقى الجامعات، مؤكداً سموه أنه بذلك يفي بوعده حينما قال «سأعود من البداية لتدارك ما فات»، معلناً سموه نجاح الخطة في مرحلة الحضانة.
كما دعا صاحب السمو حاكم الشارقة أبناءه إلى التمسك باللغة العربية والبحث عنها في القرآن وتدبره، وأعلن سموه عن تفاصيل وسبب تسمية كتابه «الظيب في التشبيب».
قدم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، في مداخلة هاتفية عبر برنامج «الخط المباشر»، الذي يبث من أثير إذاعة وتلفزيون الشارقة، معلومات ثمينة من اللغة العربية، كما عود أبناءه أن يطل عليهم دائماً من منبره المباشر وتغذيتهم بالمعلومات والنصائح الأبوية، فقال: «اللغة العربية بحر، والآن سأتحدث عن الجناس وهو تشابه لفظين مع اختلافهما في المعنى، وبين سموه متى يعد الجناس تاماً ومتى يكون ناقصاَ ومتى لا يكون جناسا حتى وإن تشابهت حروف الكلمتين».
وضرب سموه مثالا على الجناس التام، وهو في مقولة «قتادة بن ادريس» عندما احتل مكة ودعاه الخليفة العباسي في بغداد فذهب إليه، ولكنه خاف وعاد، فقال مقولته: «أنا المسك في داري أضيع.. وفي داركم أضيع»، فأتت كلمة «أضيع» الأولى بمعنى: أنتشر، انتشار المسك، بينما كلمة «أضيع» الثانية تعني «أتوه».
وضرب صاحب السمو حاكم الشارقة، مثالاً آخر للجناس في ثلاث كلمات، فقال: «تشمت القوم» وتعني رجعوا خائبين، و«شمت بينهما» وتعني جمع بينهما، أما «شمت العاطس» فتعني أنه قال له يرحمكم الله. وتوضيحاً لأهمية تشميت العاطس، قال سموه: الله سبحانه وتعالى وضع للإنسان في الأنف من الداخل جهاز حساس لأي غبار يحتمل وصوله إلى الرئة، فإذا دخلت حبات الغبار إلى هذا الجهاز فيعطس الإنسان، بعد أن يُصدر الجهاز الأوامر بذلك، فإذا لم تحدث هذه العطسة التي طردت حبة الغبار، لتسبب دخول حبة الغبار إلى توقف الرئتين، وتصل إلى مرحلة الموت، فتصدر هذه العطسة كتشبثاً من الإنسان بالحياة، وأثناء العطس تتوقف الرئة عن حركة دفع الهواء، وتتحول إلى حركة اشتف أكبر كمية من الهواء وتنتفخ إلى أقصى مراحل الانتفاخ، ثم تخبط لتخرج الغبار، والانتهاء من هذه العملية الدقيقة بسلام يحتاج من الإنسان أن يحمد الله عز وجل، وعلى من معه أن يشمته بأن يقول له يرحمك الله، لأنه نجا من الموت».
اللــغة والقــرآن
وعن اللغة العربية والقرآن، قال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي: «إذا بدأ كل إنسان بقراءة القرآن من بدايته وأخذ يسجل معنى كل كلمة يراها، فسيدخل في عالم آخر من عجائب هذه اللغة، فهذه اللغة لا تخطأ، وخاصة في القرآن، فنلاحظ دائماً أن نهايات الآيات هي تفسير للآية نفسها، ولا تأتي مخالفة لها، وأحياناً يأتي الخبر متأخراً في سرد آيات متكررة، فسبحان الله في هذه اللغة.
ونحن نقول لكل من يتصفح القرآن: لا تتصفحه للقراءة فقط، وإنما للتدبر، فالتدبر يعطي معاني كثيرة، ويحسن اللغة والمفاهيم، ويجب على الإنسان أن يعلم جيداً أن القرآن هو إعجاز في لغته».
واستطرد سموه حديثه قائلاً: «ولدي كتابات خاصة بي اسمها «خرائط اللغة»، فيها من الجناس والبديع وغيرهما من علم البلاغة والكثير من الأمور، فكنت كلما قرأت أدون، فخرجت بحصيلة كبيرة، جميعها لا تتدخل في الأحكام، فأنا لا أنحو منحى التفسير وإنما منحى البلاغة «الإعجاز في القرآن»، فنأمل من كل شخص يقرأ القرآن أن يتدبره».
الشــعر والبلاغــة
وأكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أن الشعر العربي كذلك به الكثير من المفردات والبلاغة، ويكسب قارئه الكثير منها، وكشف سموه عن سبب إصداره كتاب «الظيب في التشبيب»، وسبب تسميته بهذا الاسم، وهو كتاب يحتوي على ثمانية قصائد للمرحوم الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، حاكم الشارقة الأسبق، وهو شاعر يُشهد له في شعره، وقال سموه: سبب تسمية الكتاب بهذا الاسم هو أن القصائد الثماني يمدح فيها الشاعر وكأنه نوع من التمدح، والتمدح هو التصنع في المدح، والمقصود بالطيب هو طيب الكلام - أطيب شيء فيه، والتشبيب هو ذكر محاسن المرأة، فكان يبدأ المرحوم الشيخ سلطان بن صقر كل قصائده بالتشبيب، فأخذت أنا هذا الجزء بما فيه من بلاغة وأردت أن أدرس المحافل اللغوية والفرائد لدى سلطان بن صقر في اللغة، إكراماً لهذا الشاعر، ونتمنى أن ينفع الناس ويرتقون بلغتهم.
التربية فالتعليم
وعن الاهتمام اليوم باللغة العربية، قال سموه: «يجب أن نتمسك بتربية أبنائنا على كثير من المبادئ، فـ«العلم الخالي لا يفيد»، فيجب أن تربية الأبناء تسبق تعليمهم، فالوزارة تحمل اسم «وزارة التربية والتعليم»، فالتربية سبقت التعليم، والتربية الصحيحة تبدأ من بداية حياة الإنسان. ونحن نريد أن نضع الموازين في مكانها الصحيح، فأنشئت الحضانات المناسبة لتربية أبنائنا التربية الصحيحة منذ الولادة، وبدأت من المربيات التي تربي الأبناء في الحضانة، فمن تعليماتي لهن: إذا دخلت إحداكن الصف على الأبناء، فتقل: «السلام عليكم». فمن هنا نبدأ مع الطفل، بينما إذا كانت هذه المربية في الحضانة أجنبية، فستتحدث معه بلغة أخرى وسيعتاد الطفل على ما نشأ وتربى عليه، وبعد الحضانات مباشرة سنلحق الطفل برياض الأطفال، فأنا أحرص على تربية أبنائي التربية السليمة في كل مراحل حياتهم وأدعو الله أن يعينني على ذلك».
وعـــد الوفــي
قال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي: «قد قلت سابقاً في كلمتي في منتدى الشارقة لاتصال الحكومي «سأعود من البداية لتدارك ما فات»، وكما وعدت الناس فعلت، فعملت من البداية، وبدأت بالحضانات، والآن سأعمل على رياض الأطفال ويليه مدارس ابتدائية ومتوسطة وثانوية، إلى أن أدخلهم الجامعات تحت رعايتي، وستعمل هذه السلسلة التعليمية بجميع حلقاتها وفق منهج متكامل مستمر من الحضانة إلى الجامعة، يعمل وفق ثلاث ركائز، أولها: القرآن والسنة، ثانياُ: اللغة العربية ومفرداتها من شعر وأدب ونثر وغيره، وثالثاً: العلم. وبهذا أضمن لهذا الشخص دخوله أرقى الجامعات دون الحاجة إلى سنة تحضيرية».
وأضاف سموه: «فأنشأنا سابقاً المدارس النموذجية ووصلنا فيها إلى مرحلة، ثم أخذتها وزارة التربية والتعليم، وضاع ما بذلناه من جهد فيها، فكان لدى المدرسة النموذجية الوحيدة التي يخرج منها الأوائل في كل عام، ثم حدث فيها حريق ومشاجرة بالسيوف، بعد أن كانت نموذجاً، فنتساءل.. ما الذي أوصل إلى هذه المرحلة!؟، ونتمنى إن شاء الله أن تعود، لأن هؤلاء الأبناء هم مستقبل الدولة ومن فيها».