أعلن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، عن شمولية التأمين الصحي لكافة مواطني الإمارة، بعد أن كان يغطي الموظفين وكبار السن من 60 عاماً فما فوق، كما أعلن سموه عن إنشاء صندوق للضمان الاجتماعي، يستفيد منه كل مواطن لا يستطيع أن يعيش حياة كريمة بالراتب الذي يتقاضاه، سواء متقاعد أو راتبه متدن.
كما كشف سموه عن إجراء إعادة دراسة للمسح التعدادي لمواطني إمارة الشارقة، سيبدأ من منطقة «مليحة»، كما أصدر سموه قراراً ببناء مجلس في كل قرية يخدمه موظف من حكومة الشارقة، ليستقبل فيه أهل القرية ضيوفهم، ويحتوي كل مجلس على أماكن مخصصة لمبيت الضيف، إذا أراد، وله ميزانية تسمح بنحر ذبيحة يومياً، على أن يتم إنجازها خلال «أيام».
قال صاحب السمو حاكم الشارقة، في مداخلة هاتفية عبر برنامج «الخط المباشر» الذي يبث من أثير إذاعة وتلفزيون الشارقة: كثير من الإخوة يتحدثون عن زيادة المرتبات وغيرها من الأمور، وأود أن أقول: أولاً بالنسبة للموضوعين اللذين طرحتهما في بداية انعقاد المجلس الاستشاري، وهما الإسكان والوظائف، هما أهم شيء بالنسبة للمواطن، فبهما يكون تأسيس الأسرة، وبحمد الله الأسرة المواطنة مستقرة، فبالنظر إلى الرواتب سنجد أن الخريج والخريجة الجامعيين يتم تعيينهما براتب 25 ألف درهم، فيكون مجموع الدخل الشهري للزوج والزوجة 50 ألف درهم، وبذلك يستطيعان عيش حياة كريمة، وهذا ما كنت أعمل به الفترة الماضية.
شمولية التأمين
وأضاف سموه: الآن أعمل على موضوع كنت أجلته سابقاً من أجل الأولويات، وهو التأمين الصحي الشامل لمواطني الشارقة، بدأنا بالموظفين ثم كبار السن من عمر ال 60 فما فوق، والآن سيشمل الجميع.
الضمان الاجتماعي
وتابع سموه: النقطة الأخرى «صندوق الضمان الاجتماعي»، أنا لديَّ مواطن يحصل على إعانة، إلى متى سيظل يأخذها؟ سواء من دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة أو من وزارة تنمية المجتمع، فهي كلها لا تجزي، إذاً لا بد من ضمان لهذا الشخص، لينام مستريحاً ومطمئناً إلى أنه سيأتيه دخل نهاية الشهر، وعن الفئات المستفيدة من هذا الصندوق، فتشمل أي إنسان لا يستطيع أن يكمل حياته الكريمة بالراتب الذي يتقاضاه، سواء متقاعد أو راتبه متدن، فهذا الصندوق يضمن له راتباً شاملاً يستطيع من خلاله أن يعيش معيشة كريمة إن شاء الله.
إعادة دراسة
واستطرد سموه حديثه قائلاً: أما النقطة الثالثة التي أعمل عليها منذ حوالي أسبوعين، فهي استعراض المسح التعدادي الذي تم عمله سابقاً، كم أنجزنا منه، وكم لم ننجز منه؟ لأنني الآن أعيد الدراسة مرة أخرى، علماً أن الدراسة الأولى كانت شاملة، وكانت تقدم صورة إجمالية، وهي أسهل، أما الآن فنعمل بناء على «خصوصيات». ونظراً لأن تعداد مواطني الشارقة كبير و«متبعثر» في كل مكان، وسيصعب العمل بناء على فئة من كل مكان، فطلبت من بلدية مليحة أن يتم إجراء المسح التعدادي فيها أولاً، ليتم العمل بناء على المناطق وليس الفئات، وللعلم كل أهالي المناطق محبتهم واحدة، وللعلم أيضاً أن اسم «مليحة» من «الملاحة» وليس «الملح»، أخذت هذه المنطقة لأدرسها دراسة تفصيلية، أدخل في البيوت، أنقب فيها عن المشاكل الموجودة، ليس فقط لقمة العيش، بل كل الأمور الصغيرة والكبيرة، فلن أترك فيها مشكلة إلا وأعالجها وأسلمها سليمة.
وأضاف صاحب السمو حاكم الشارقة: لدي مجموعة من الناس أنظر إليهم الآن، فأنظر إلى زوج وزوجة كبيرين في السن يحصلان على إعانة، وأتساءل: هل لديهما تأمين صحي؟ هل هما مستريحان في بيتهما؟ هل الزوج أخذ ديوناً وابتلي بها؟ هل المرتب الذي يحصل عليه يكفيه؟ كل هذه الأسئلة لفئة الأزواج كبار السن فقط، وأنظر في كل هذه الأمور.
وقال: أنظر أيضاً إلى متقاعدين لا يمكّنهم الراتب التقاعدي من العيش الكريم، فأعالج هذه المشكلة، ولدينا كذلك أشخاص آخرون، إذا نظرت إلى أحدهم تجد أن راتبه مجزٍ وتعتقد ظاهرياً أنه جيد، فتفرح لوضعه، فأسأل كم راتبه، فيقولون راتبه 30 ألف درهم، لا تعطيه يا شيخ، وهنا أنا أنظر لمشاكل هذا الشخص، فإذا كان راتبه 30 ألف درهم والبنك يأخذ منه 15 ألف درهم، فهنا يصبح مرتبه 15 ألف درهم فقط، ولذلك يجب أن نعالج هذا الخلل، بحيث يتم صرف الدخل كاملاً على البيت وعلى حاجة هذه الأسرة، فنحن نبحث حتى في الخصوصيات غير المعلنة، ونطرح جميع هذه المشاكل ونستعرضها كلها على طاولة الدراسة، حتى المشاكل الأسرية نريد حلها، فلا نريد أن ندع مشكلة قائمة، حتى أيضاً المشاكل التي نعلم عنها من خلف البيت، فكل التفاصيل وأدقها نسأل عنها وندرسها لحلها، وأضاف سموه: لا تعتقد أن هذا يستغرق مني وقتاً طويلاً، فأنا وبحمد الله سريع، وقراري سريع.
توصية
وقال سموه: «أنا أوصي موظفيّ وكل الناس: عليكم بالوقت ما بعد صلاة الفجر.. فهو من أبرك الأوقات، وفي هذا الوقت لا يشغل الإنسان أي شاغل، وخصوصاً إذا كان بعد صلاة الفجر وقراءة القرآن، فمن يبدأ يومه بهذا الأسلوب لن يشغله إلا الخير، ويبسط له الله بإذنه تعالى كل الأمور».
مجلس في كل قرية
وأضاف سموه: أنا الآن أعمل في البادية قرى «فرجان»، وكل فريج أحاول ألا يدخله غريب، لدرجه أنه إذا دخلت سيارة غريبة، فإن الناس كلهم يلاحظونها، ويسألون: من هذا الغريب الذي دخل فريجنا؟ فيقولون: هذا ابن فلان حضر صديقه ليسهر عنده، فقلنا «لا»، فهذا الفريج به «أعراض» نحن مسؤولون عنها، وغير مسموح أن تلعب هنا في الفريج. لهذه الدرجة أنا أحافظ على أبنائي. فأنا ممن يعشقون الأرض، وأعتني بنباتها ورملها وجبالها وحصاها، ولذلك عادات وتقاليد، والآن قناتي الوسطى والشرقية تبرزان التراث والانتماء، وما يزيد من وطنية الإنسان، وما يدفعه لحب الأرض الذي هو عليها، وكانت من العادات لدى البادية: الترحيب بالضيف عندما يحضر، ومن بعيد ينادى عليه «اقرب» بمعنى اقترب، ولذلك أنا أصدرت قراراً بأن يُبنى في كل قرية مجلس، يخدمه موظف من حكومة الشارقة، ليستقبل فيه أهل القرية ضيوفهم، ويحتوي كل مجلس على أماكن مخصصة لمبيت الضيف إذا أراد، وآخر للفراش، وله ميزانية تسمح بنحر ذبيحة يومياً، ومصاريف للقهوة والشاي والعزائم، وسيتم إنجاز هذه المجالس خلال «أيام».
الهوية الوطنية
وتابع صاحب السمو حاكم الشارقة قائلاً: الحمد لله لا نترك شاردة ولا واردة إلا وعالجنا مشكلتها، وبفضل الله «ناسنا بخير»، وبهذه الطريقة نستطيع أن نرتقي بهذا المجتمع، فالارتقاء ليس بالكلام، وإنما بالعلم والمعرفة من دون ضياع «الأصول» و«الهوية»، فأنا من أطلب من تلفزيون المنطقة الوسطى، بث كل ما يعطي انتماء طيباً جيداً، وحذف كل ما يمكن أن يشوه، والحمد لله رب العالمين لدينا الحريم الكبار حديثهن وعاداتهن وطبيخهن وأكلهن وطنية أصيلة، لذلك نريد أن نرتقي بوطننا من دون أن نضيع هويته.
فأقول لأبنائي: «تمسك بهويتك وبترابك الذي أنت عليه»، فأنت تعشق وطنك بذكرياتك وانتمائك وأهازيجك وأغانيك، فكل هذه الأشياء تكوّن عند الإنسان هوية، ولذلك نحن نتمنى من أبنائنا ألا يتركوا التراث والعادات فقط لكبار السن لكي يعتنوا بها، فحتى الطفل لا بد أن يعرف عاداته وهويته وتقاليده وانتماءه، علماً أن الانتماء في الأساس هو الدين، والقيم والأخلاق، وبحمد الله ليس لدينا أحد يضيع هذه الأمور.
تفاصيل لا يراها إلا سلطان
واستطرد سموه قائلاً: «أنا إنسان.. أشاهد وأتأثر، فأفكر في رجل كبير في السن وزوجته يحصلان على إعانات، هل تكفيهما حتى نهاية الشهر، وهل تمكن هذا الرجل من شراء الحلويات لأحفاده، فإذا لم يكن لديه المال الكافي لذلك، ماذا يفعل؟ هل يقترض من الناس؟ يطلب؟ وأفكر كذلك في مسن آخر طريح الفراش، ولده لا يعتني به، فهذا الأب الراقد على الفراش له مخصص لدينا، بكل ما يلزمه حتى البودرة والتدليك وتوصيل المدلك حتى منزله، ومصاريف جيب له، ليتمكن من شراء ما يريد، فأنا لن أدعه يشعر بضيق، وأشجع الأبناء على الاعتناء بوالديهم كبار السن، وإذا لم يعتنوا سأعتني أنا بهم 100%».
الخير والبركة
وأضاف سموه: لدينا حالات لأشخاص من كبار السن في مستشفى جامعة الشارقة، يمكثون عاماً كاملاً في العناية وفي الغرف الخاصة، والبعض يسألونني: لماذا تتحمل كل ذلك؟ فأقول لهم: «هؤلاء عندي أغلى ما أملك، وسأراعيهم حتى لو قصصنا من لحمنا»، فهم الخير والبركة، وهم من أنجبونا نحن على هذه الحياة.
واختتم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حديثه قائلاً: أريد أن أوضح للناس أن العاملين في جمع بيانات الإحصاء، أقسموا اليمين بألا يطلع أحد على هذه الأرقام، ولا يعلم أي إنسان بمعلومات هذا الإحصاء، ولذلك لا بد أن يدلي كل إنسان بالكلام الصحيح، وهذا ليس لمصلحته هو فقط وإنما لمصلحتنا نحن أيضاً، ونحن نتمنى للجميع سنوات عديدة تعود عليهم بالخير.