من يستمع إلى سرد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، حول تاريخ المنطقة، يرى سرداً عميقاً، وقادماً من بحوثه ودراساته التي ترتكز على وثائق ومخطوطات قديمة ونادرة، وربما لم يعد أحد يذكرها منذ زمن، وكل ذلك يعكس منظومة أحداث مرت بالمنطقة، سواء كانت اجتماعية أو تاريخية، أو لها طابع التصدي للأطماع الأجنبية في قديم الزمان، إنها رحلة من البحوث النادرة، والحقائق الجلية التي توصل إليها سموه بأمانة الباحث المتمكن.
لقد اهتم سموه اهتماماً بالغ الأهمية بالمنطقة، وبما مر بها عبر عقود زمنية مضت، ومنحها من وقته وجهده الكثير، وهو ما أضاف للمكتبة الثقافية العربية وللبحوث والدراسات التاريخية الكثير من المجلدات والكتب والمراجع، حتى أصبح هناك انتظار وترقب دائمين لأطروحات سموه العلمية والتاريخية الجديدة.
ما يقدمه سموه من بحوث لا يذهب أبداً أثره، بل يتجسد عطاء كبيراً معرفياً وثقافياً بمرور الزمن، حيث يمضي سموه في التجديد والإبداع، يبحث في صفحات التاريخ بعين الحكيم والباحث الذي يقرأ ويحلل ويقدم رؤية مختلفة واستثنائية، ولننظر إلى مؤلفات ومجلدات سموه وإصداراته، سواء كانت الأدبية، أو الروائية، أو التاريخية، إنها تطل علينا كمدرسة متكاملة من العطاء الإبداعي والثقافي، حيث يقف سموه على أحداث ووقائع التاريخ ليضيء جوانبه، ويحتفي به وينير المعاني.
أوجد سموه مدرسة بحثية شاملة تجسد مفاهيم ودلالات توضح المعاني من قواميس مختلفة، وأعد لها النور بشفافية الرائي، وسناء المحب، فاتضح ما كان خفياً أو مخفياً عنوة، هذا هو المفكر الحق الذي يتعمق بالفكر، ويوليه اهتمامات عظيمة في كل وقت.
من هذه المنظومة الأدبية الإبداعية الجميلة، والبحثية العميقة، نستشف الحكمة ونرى جهداً لا مثيل له، والعطاء الإنساني الفريد والمنفرد بالحقائق، والذي يتدفق في شرايين الحياة والمجتمعات، وفاءً من سموه لمحيطه المعرفي، مقدماً عطاءً متجدداً وملهماً في فضاء الثقافة الرصين.
ما جاد به سموه وما يجود به من ثقافة واهتمام بالعلم والأدب والأدباء، وبالصروح الثقافية ومتاحف ودور اللغة والمكتبات الكبيرة، يرسخ مجد الثقافة الإماراتية والعربية وفكرها لتبدو منارة عالمية يهتدى بها.
المصدر: جريدة الاتحاد – حارب الظاهري