يقول صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة: "إن الكتاب هو جوهر الثقافة والعلم والمعرفة" .
وصاحب السمو يعد الكتاب، نقطة شروع ومنطلقاً إلى عالم العلم والمعرفة والثقافة، ومن هنا نراه بذل الغالي والنفيس من أجل إقامة معرض الشارقة الدولي للكتاب، فكان له ما أراد - بفضل الله ثم بفضل جهوده الجبارة - وها هو معرض الشارقة للكتاب في دورته "33" يتضمن آلافاً مؤلفة من دور النشر، وأكثر من مليون عنوان من الكتب، وآلاف الزوار والضيوف من كبار العلماء والمفكرين والأدباء والشعراء والفنانين المبدعين جاءوا من مختلف أقطار العالم، شرقيه وغربيه، مشاركين في المحاضرات والندوات والمقاهي المعرفية والعلمية والثقافية والأدبية والفنية، في تظاهرة قل لها المشابه والنظير .
وسموه هو القائل: "إن معارض الكتاب، واحات نور لا بد من تنميتها وتطويرها، وفي مجالاتها فليتنافس المتنافسون" .
وقوله أيضاً: "لقد أصبح الكتاب مطلباً حيوياً للحاق بالركب الحضاري الذي يقف على أعتاب القرن العشرين" .
وظل صاحب السمو حاكم الشارقة يدعو إلى تعميق القراءة بين فلذات الأكباد، وتشجيعهم على القراءة، وإلى توفير الكتب للشباب والفتيات والمرأة، وللجميع .
وسموه يعلم علم اليقين: أن القراءة ضرورة معرفية وحضارية وإنسانية، وهي بمعناه الواسع أكثر من كونها تعرف المكتوب ونطقه، إنها تعني اللغة، واللغة تعني الإنسان، والإنسان يعني اللغة، والقراءة: مكون من حب ودأب وإصرار وحرص وغاية الغايات من النظام التعليمي، والقراءة والكتاب هما: وجهان من وجوه العمل النافع المثمر، المكون الرئيسي للشخصية العالمة المثقفة العارفة لكنه الأشياء والفاهمة للحياة والكون والإنسان بدرجة أعلى من مدركات الشخصية غير القارئة المثقفة، وغير المتسلحة بالقيم المعرفية الواسعة .
والقراءة - قبل هذا وبعد هذا - زاد العقل والروح معاً، وهي الطريق الذي يزود سالكه بمعين لا ينضب من فنون العلم والثقافة والمعرفة، وذلك من خلال إطلاق القارئ على تجارب الفلاسفة والحكماء والعلماء والكتاب والأدباء والشعراء والفنانين والمبدعين .
وكل هذا من شأنه أن يدفع الإنسان إلى المزيد من الإنتاج والإبداع، خدمة لنفسه ولمجتمعه وللإنسانية أجمع .
وتعد القراءة منذ فجر التاريخ، أول وأهم أدوات المعرفة، وعنصراً من أهم عناصر بناء الحضارات .
ومما يروى في هذا المجال: أن حكيماً مصرياً قديماً نقش على الورق البردى وصيته لابنه يقول فيها: "يا بني ضع قلبك وراء كتبك، وأحببها كما تحب أمك، فليس هناك شيء تعلو منزلته على الكتاب" .
ولا ننسى أن أول سورة، وأول آية نزلت على النبي الأمي محمد "صلى الله عليه وسلم" هي "اقرأ" .
إنها إشارة من لدن العليم الحكيم إلى ضرورة القراءة للوصول إلى المعرفة، معرفة الله أولاً ثم معرفة: الكون والحياة وما فيها .
ولولا الكتاب والقراءة، لما كان الجاحظ وابن سينا والشافعي والغزالي وأضرابهم من العلماء والمفكرين والمثقفين الذين بنوا حضارة، عربية إسلامية إنسانية، نهل منها العالم - قديماً وحديثاً - فنون العلم والمعرفة والقيم الإنسانية الرفيعة .
لولا القراءة ما قامت حضارتنا- وما بلغنا العلي مجداً ولا الشهبا .
يقول الفيلسوف الطبيب الأديب والشاعر ابن سينا، ويقسم على ما يقول: "والله ما تركت القراءة في عمري إلا ليلتين، ليلة وفاة والدي وليلة زفافي" .
ويقول طه حسين: "إن القراءة حق لكل إنسان بل واجب محتوم على كل إنسان يريد أن يحيا حياة صالحة" .
وشاعر أندلسي يوصي ابنه ويقول له:
أعلم بأن العلم أسمى رتبة
وأجل مكتسب وأسنى مفخر
فاسلك سبيل المقتفين له تفز
إن السيادة تقتني بالدفتر
وكذلك هي وصايا: صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي آنفة الذكر، ولعمري إنه قارئ وكاتب وأديب من الطراز الأول، له ما يزيد على أربعين كتاباً منشوراً، ويقرأ في كل يوم ما لا يقل عن "300" صفحة، قال في خطابه الرائع قبل أيام في افتتاح معرض الشارقة الدولي للكتاب وفي حفل توقيع كتابه "تحت راية الاحتلال" ما نصه: "أنا نقطة في محيط وقرية في عالم كبير اسمه العالم العربي، اشتريت كل الكتب في دورة المعرض الأولى في مبادرة لإنجاحه" .
وكان سموه ولا يزال، يشجع على القراءة وعلى حب الكتاب ويقول: "الكتاب الكتاب، والقراءة القراءة، فهما أغلى من كنوز الأرض كلها" .
وقال سموه في ندوة "حول النشر الصحفي": تعودت أن اقرأ قبل الفجر جريدة الخليج، لأطلع على عالم الثقافة والفن" .
حفظ الله شيخنا وأستاذنا، أستاذ الأجيال، وسدد خطاه وأدامه ذخراً للأمة .
المصدر : جريدة الخليج - بهجت الحديثي