53عاماً من العدل، والإنسانية، والرخاء، تعيشها إمارة الشارقة بفضل قائد مسيرتها صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي منذ أن تولّى مقاليد حكمها، في 25 يناير 1972، أسكن السعادة في قلوب مواطنيها والمقيمين فيها، بعطاء متواصل، وخير لا ينضب، وتيسيرات حياتية عمّت الجميع، وتنمية شملت جوانبها على تعددها، فأضحت تتصدر بتفردها الداخل والخارج، وأصبحت محل الأنظار المتطلعة لزيارتها، ومن ثم الإقامة الآمنة فيها.
بحكمة سامية رفيعة، حرص سموّه على إشعار مواطنيها ومقيميها بالاعتزاز بأرض شارقتهم، التي شهدت بفضله وعلى امتدادها، مشاريع بنى تحتية غير مسبوقة، وتطويراً شاملاً، وتحديثاً ريادياً في ظاهره، وباطنه، فضلاً عن مراكز العلم، ومحافل الثقافة، اللذين أضحيا عنوانين لإمارة الابتسامة الدائمة، التي أوقفها سموّه في مصافّ الدول المتقدمة، وجعلها محل تباهي، وفخر أبنائها على اختلاف أعمارهم، والتمسك بنهجها، والالتزام بثوابتها.
إمارة التحضر
وبالنظر في مولد قائد سفينة إمارة التحضر ونشأته، والرقي، والتنمية الثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، نجد أنه ولد يوم الأحد 2 يوليو عام 1939، في مدينة الشارقة، لوالده محمد بن صقر بن خالد بن سلطان بن صقر بن راشد القاسمي، ووالدته الشيخة مريم بنت الشيخ غانم بن الشيخ سالم الشامسي.
تربى سموّه على الوطنية، والارتباط بوطنه، فكان مشغوفاً بتاريخه، وترعرع على حب العلم والمعرفة، والبحث، والقراءة، ودرس القرآن لدى الشيخ فارس بن عبد الرحمن. وفي عمر تسع سنوات وشهرين، وتحديداً في سبتمبر 1948 بدأ تعليمه العام في مدرسة الإصلاح القاسمية. وفي عام 1954 انضم إلى المدرسة الإنجليزية الخاصة ليدرس اللغة الإنجليزية، وانتقل بين الشارقة والكويت لتلقي تعليمه الإعدادي والثانوي.
وفي نهاية عام 1965، بدأ الدراسة الجامعية في كلية الزراعة بجامعة القاهرة، ونال منها البكالوريوس في عام 1971، واستكمل رحلته الأكاديمية، فحصل على الدكتوراه في التاريخ من «جامعة إكستر» عام 1985، ثم الدكتوراه في الجغرافيا السياسية للخليج من جامعة دورام عام 1999.
المسيرة العملية
وفي المسيرة العملية الأولى لسموّه، نجد أنه ولمدة عامين، عمل مدرساً لمادتي الإنجليزية والرياضيات بالمدرسة الصناعية بالشارقة، منذ فبراير 1961 إلى سبتمبر 1963، ثم تسلم رئاسة البلدية في 1965. وبعد إتمامه دراسته الجامعية عام 1971 وعودته إلى الشارقة تسلم إدارة مكتب سموّ الحاكم بإمارة الشارقة.
وفي 9 ديسمبر عام 1971، عقب أيام من قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، صباح 2 ديسمبر، جرى تشكيل مجلس الوزراء، ونصب يومها وزيراً للتربية والتعليم.
وفي يوم الثلاثاء 25 يناير 1972 تسلم سموّه مقاليد حكم إمارة الشارقة، وكان عمره 32 عاماً، ليكون عضواً في المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة. فيما يعد الحاكم الثامن عشر لإمارة الشارقة، من حكم القواسم الذي يعود لعام 1600 ميلادي.
مبادرات بارزة
ومنذ تولي صاحب السموّ حاكم الشارقة، حرص على تغذية الحس المدني، والمشاركة، والمسؤولية الاجتماعية، وعزز الحفاظ على التراث الوطني والهُوية العربية، بترميم المباني التقليدية وصيانتها، وإعادة إحياء مناطق الشارقة القديمة، مثل سوق العرصة التاريخي، ومنطقة المريجة، ومنطقة الشويهين في 1994، وإعادة بناء حصن الشارقة القديم، وحفظ وثائق الشارقة فيه، وافتتاحه متحفاً للإمارة عام 1997، والكثير غير ذلك على مدار الأعوام اللاحقة.
من جانب ثان، توالت مبادرات سموّه للإمارة وخارجها، بما لا يمكن معه حصرها كاملة، ومن بعض المبادرات المحلية إنشاء نوادٍ للسيدات، ومراكز للأطفال والفتيات، ومجلس شورى أطفال الشارقة، وإنشاء مراكز التنمية الأسرية، ومجلس شورى شباب الشارقة، والمجالس البلدية.
ثقافة بلا حدود
ومن المبادرات، كذلك، إطلاق مبادرة «ثقافة بلا حدود»، وصرف مكافآت للباحثين والباحثات عن عمل، وتحويل جميع مدارس الحلقة الأولى من التعليم الأساسي إلى مدارس نموذجية، وتوفير مياه معدنية مجانية بالمدارس الحكومية، وإطلاق مبادرة «مبرّة»، وإنشاء مراكز الناشئة، وتأسيس 1000 بيت للشعر في العالم العربي.
فضلاً عن توفير تأمين صحي لأصحاب الهمم من مواطني إمارة الشارقة، وإطلاق مبادرة «لغتي» لتعليم العربية بوسائل ذكية، ومبادرة التعليم والتوظيف لأصحاب الهمم، وإنشاء مجمع للغة العربية في الشارقة، ودار المخطوطات الإسلامية، وإنشاء أول منطقة حرة للنشر في العالم، وإطلاق جائزة الشيخ سلطان لطاقات الشباب، وتوفير مياه معدنية مجانية لجميع مدارس وحضانات الإمارة (الحكومية والخاصة)، والكثير غير ذلك.
إنسانية شاملة
ولم تقف إنسانيته وعطاؤه عند حدّ الإمارة فقط، وإنما امتدت أياديه البيضاء لخارجها، ومن بعض مبادراته في ذلك، إنشاء دار الجمعية المصرية للدراسات التاريخية بمصر، ومكتبة ومركز للمعلومات بكلية الزراعة جامعة القاهرة، ومجمع الثغرة الثقافي بإسبانيا، وبناء قرية للأطفال اليتامى في بوركينا فاسو، ومسجد بنسبرغ بولاية بافاريا الألمانية، والمركز الإسلامي في فولسبورغ، ودعم الهيئة العالمية للمسرح بمليون يورو.
وتضمنت مبادراته الخارجية كذلك، دعم موسوعة العلماء والأدباء العرب والمسلمين، وإنشاء مركز إسلامي في جمهورية إستونيا، وإنشاء مجمع المعامل البحثيّة بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، ودعم جامعة القاهرة بثلاثين مليون جنيه، وإنشاء مقر اتحاد الجامعات العربية في عمّان، ومبادرة ترميم المجمع العلمي المصري. ودعم قصور الثقافة المصرية، وترميم مبنى كلية الهندسة في جامعة القاهرة، والتبرع بمليوني دولار لصندوق رعاية أسر شهداء مصر، ودعم المجمع المصري بكتب ومخطوطات ومجلدات نادرة، وتطوير المناطق العشوائية بالجيزة، ودعم الأنشطة الرياضية بمصر وإنشاء دار الوثائق القومية المصرية، ومبنى اتحاد الآثاريين العرب الجديد في مصر، وإنشاء اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية، ومبنى اتحاد المؤرخين العرب في القاهرة، واستضافة مقرّ برلمان الطفل العربي في الشارقة، وغير ذلك.
المصدر: جريدة الخليج – ملحق خاص