حكايات في صور

عرض الكل

سلطان.. نصف قرن عطـاء وبنـاء

القفزة النوعية الهائلة التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيامها وعلى مدى عقود انطلاقتها التي لم يلتئم عقدها الخامس بعد، انعكست على مدنها الرئيسية وفي الطليعة منها، أبوظبي ودبي والشارقة، وهذا أمر طبيعي لتوافر مقومات النجاح المبهر للمسيرة ومخرجاتها، فسابقت الزمن للوصول إلى المجد، وحصدت من التنافسية العالمية الكثير الذي أضاف إلى الإمارات قوة ومنعة ورصيداً هائلاً من التقدير والاحترام والحب والتعاون الدولي.

والمتابع لتصاعد نموّ إمارة الشارقة، لا بدّ أن يملأه الإعجاب والانبهار، والزهو بإمارة عربية، فاق التقدّم الحضاري فيها عمراناً وبنياناً وإنساناً، كثيراً من دول العالم.

الخدمات في كل المناحي، سهّلت حياة كل من يعيش في الإمارة الباسمة، من دون أي فرق أو تمييز بين إماراتي أو مقيم، شأنها شأن بقية إمارات دار التسامح والتعايش، الجميع متساوون لهم الحقوق نفسها، وعليهم الواجبات المطلوبة منهم.

لم يأت ذلك كله، إلّا بنظرة استشرافية بعيدة المدى لصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي حوّل

سنوات حكمه لإمارة الشارقة إلى موئل للثقافة والعلم والبسمة، وكل ما يبهج الناس، ويدخل في نفوسهم التفاؤل والأمل بالقادم الأجمل.

فقد استمرّ سموّه في خدمة الشارقة، وتتبّع التفاصيل الصغيرة وتوجيه المعنيين بمعالجة أي خلل، وتحسين الواقع وتحويله إلى الأجمل والأفضل، فضلاً عن العمل الدؤوب من الجميع، على مدار الساعة، ليكون الأمن والأمان والطمأنينة، عناوين تملأ حياة كلّ من يعيش على هذه الأرض المعطاء، حتى غدت الشارقة، مستقرّاً وموطناً.

الشارقة في عهد سلطان الذي ترعرع على الوطنية، وحبّ العلم والمعرفة، والشغف بتاريخ وطنه وأمته، غدت مركزاً معرفياً وعلمياً، بما تضمّه من مدارس ومعاهد وجامعات.

سلطان الباحث عن العلم والمعرفة في كل مكان، يحمل درجتي دكتوراه من المملكة المتحدة إحداهما في الفلسفة في الجغرافية السياسية للخليج، من جامعة درم عام 1999، وقبلها في الفلسفة في التاريخ من جامعة إكسيتر، عام 1985، ويحمل البكالوريوس في الهندسة الزراعية، من جامعة القاهرة، عام 1971.

الحاكم العالم قاد التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية في الإمارة، وبذل جهداً مضاعفاً ووفر مصادر لتشجيع التفاعل والحوار الثقافي محلياً وإقليمياً ودولياً بين الشعوب كافة.

هذا كلّه، بوّأه مكانة مرموقة ومتميّزة، في كل أنحاء العالم، فغدا سموّه رمزاً للحاكم المثقّف المتبحّر في العلم والمعرفة بكل أشكالهما، فضلاً عن تملّكه موهبة الكتابة والتأليف، فنال عدداً كبيراً من درجات الدكتوراه الفخرية في الفنون والآداب والفلسفة والدراسات الإنسانية والعلوم السياسية والإدارة والتاريخ، وغيرها من أعرق الجامعات، وأكثرها رصانة في العالم، مثل مصر والسودان والأردن وفرنسا وبريطانيا واليابان وألمانيا وأرمينيا وكندا وماليزيا وروسيا وباكستان، لإسهاماته الأكاديمية والتربوية، ونشر الثقافة العربية الإسلامية.

الدكتور سلطان، شخصية عالمية يتناول أخبار إنجازاته الجميع بزهو، فقد نال سموّه العضويات الفخرية في عدد من الهيئات المرموقة، فكان الرئيس الفخري لاتحاد الجامعات العربية، وللهيئة العربية للمسرح، وللجمعية العربية لعلوم الفضاء والفلك، وللمؤسسة الدولية لتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين، وغيرها الكثير.

ولسموّه عدد كبير من المؤلّفات والكتب التي تتناول قضايا شتّى، منها التاريخي والسياسي والأدبي والمسرحي، وصدرت بالعربية ولغات أخرى، ولأنّه مفطور على حب الناس وخدمتهم، آثر إلّا أن تصل هذه الأعمال التي نافت على التسعين إلى الجميع، فوجّه القائمين على الموقع الإلكتروني الرسمي لسموّه، برفع النسخ الإلكترونية كاملة لكل كتاب من مؤلفاته على الموقع، باللغتين العربية والإنجليزية؛ استجابة للطلبات المتزايدة من مستخدمي الموقع والقراء الآخرين.

إنه قائد استثنائي ملهم.. جمع بين قوة الفكر والعلم والعمل فلا تكاد تدخل مكاناً، إلّا وتجد بصمة لسلطان، وكل هذا يفعله برغبة صادقة في أن ما في يدك، إذا تقاسمته مع أخيك، فسيغمرك شعور بالطمأنينة.

وفي خضم هذا كله، يتجلى بوضوح اهتمام سموه بالإنسان، الذي مهد له طرق النجاح، بتمكينه علمياً، فشيد الجامعات وأعلى بنيانها، وأنشأ أفضل المدارس والمعاهد العلمية والتربوية، لتشكل مجتمعة حاضنة تعليمية تنافس مثيلاتها العالمية بامتياز، وجعل أنهر علمها تتدفق، لينهل منها كل ساعٍ

للمعرفة، ما انعكس بدوره على طبيعة الحياة في الإمارة التي تعتبر الثقافة مظلتها الجامعة.

وبما أن الإنسان هو شغل سموه الشاغل، فقد اكتسب المواطن الأولوية في مختلف خطط الإمارة التنموية، حيث حرص سموه على توفير كل سبل العيش الرغيد، فكانت المكارم والزيادات لإسعاد أبنائه، وتوفير العيش الكريم لهم، ولم يكن المتقاعدون الذين خدموا البلاد بلا كلل أو ملل، بمنأى عن مكرمات سموه، فطالهم غيث سموه.

سلطان الحاكم المثقف المتابع لكل تفاصيل إمارته، يحرص على أن يكون الأب الحاني للجميع، فتراه يشارك الناس أفراحهم، ويكفكف دموعهم مواسياً في أتراحهم، ليكون نعم الأب والمعلم والقائد.. وليحوّل نصف قرن من الحكم والحكمة والعطاء والبناء إلى عقود تتلألأ في سماء الإمارات.

المصدر: جريدة الخليج